Friday 14th May,200411551العددالجمعة 25 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

سيرة شاعر.................. سيرة شاعر..................
ابن الرومي

ولد شاعرنا علي بن العباس المعروف بابن الرومي سنة 221هـ في قرية من قرى بغداد في وسط عائلة كادحة لا تكاد تلقى لقمة العيش، فقد أباه وهو صغير، عاش أيام شبابه زاهياً تبدو عليه امارات الذكاء والفطنة، فولع حبه بالشعر وفنونه أكثر من غيره.
التحق بمجالس العلماء، والأدباء برزت موهبة ذلك الشاعر وهو صغير ونمت مع مرور الوقت حتى أصبح اسمه يعلو في سماء بغداد وضواحيها .. فجع بفقد أمه وكان عمره يفوق الثلاثين فقال في رثائها:


أقول وقد قالوا أتبكي كفاقد
رضاعاً وأين الكهل من راضع الحلم
هي الأم يا للناس جرعت فقدها
ومن يبك أماً لم تذم قط لا يذم

بعد أن فجع الشاعر بفقد أمه فجع بفقد أخيه محمد فقال يواسي نفسه:


وتسليني الأيام لا أن لوعتي
ولا حزني كالشيء ينسى فيعزب
ولكن كفاني مسلياً ومعزياً
بأن المدى بيني وبينك يقرب

بعد موت أخيه الوحيد لم يبقَ لابن الرومي أحد يعتمد عليه من أهله وقرابته إلا أناس قليلون يزيحون الهم والحزن عنه تارة ويتناسونه تارة.
اتسمت شخصية ابن الرومي من واقع حياته على أمور عدة هي:
اليتم الذي حصل له بفقد ابيه، والحرمان الذي بدا عليه والظلم الذي لاقاه والفقر الذي حلّ به... كل ذلك اتضح جلياً في شعره الخالد الذي يسطر بأحرف من ذهب على مر الدهور والعصور..
تزوج ابن الرومي في حياته مرتين.. مرة في الشباب، والأخرى في الكهولة رزق ابن الرومي بثلاثة ابناء فجع بهم جميعاً، واحداً تلو الآخر فرثاهم بأبلغ ما رثى والد أبناءه.ومنها ما رثى ابنه محمداً في قصيدته المشهورة التي تعد من أجمل وأرق قصائد الرثاء في الأدب العربي والتي يقول في مطلعها:


بكاؤكما يشفي وان كان لا يجدي
فجودا فقد أودى نظيركما عندي
بُني الذي أهدته كفاي للثرى
فياعزة المهدَى ويا حسرة المهدِي
عجبت لقلبي كيف لم ينفطر له
ولو أنه اقسى من الحجر الصلد

رثى ابن الرومي ولديه فقال في ابنه هبة الله:


ابني انك والعزاء معاً
بالأمس لف عليكما كفن

وقال في ابنه الآخر لم يذكر اسمه منها قوله:


أعيني جودا لي فقد جدت للثرى
بأكثر مما تمنعان وأطيبا

ولقد غشيت غبرة الموت حياته كلها وماتت زوجته بعد موت أبنائه فتمت بها مصائبه وكبر عليه الأمر وقلّ فيه العزاء فقال فيها:


عيني سُحا ولا تشحا
جل مصابي عن العزاء

توفي شاعرنا سنة 283هـ أما عن سبب وفاته فالأغلب أنه مات مسموماً كما تذكر الروايات.
ولعل أطرف ما في حياة هذا الشاعر الكبير انه أدرك تسعة خلفاء ولم يتصل بواحد منهم.
فلله درك يابن الرومي!! لقد أبدعت بين الحين والآخر وطرقت أبواب العلى في سماء الشعر العربي فأين الشعراء منك؟! وأي شاعر أنت ؟!!.
عبدالله بن سعد القحطاني
المدينة المنورة - ص.ب 4736


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved