في إحدى حفلات الزواج لفت انتباهي كميات الطعام الذي لم يؤكل، فقد تبقى حوالي أكثر من نصف الطعام بحالة ممتازة، وكان من المؤسف حقاً أن عمال النظافة جمعوا كل الطعام ووضعوه في حاوية بجانب قصر الاحتفالات.
تخيّلوا كميات الطعام المتبقية بشكل يومي من مثل تلك الحفلات ومن المطاعم والاستراحات وما يتبقى من بيوتنا من الأغذية والخبز وما شابهها، وتخيّلوا كميات الحليب والأجبان والخضراوات والفواكه والمعلبات المنتهية صلاحيتها الموجودة في المحلات التجارية.
اسألوا محلات الخضار والفواكه كم كميات الأغذية التي ترمى مع المخلفات كل يوم، إنها كميات هائلة من الأغذية والمخلفات الغذائية. كل ذلك يحتاج منّا فعلا إلى البحث عن طريقة مناسبة للاستفادة منها.
هذه المشكلة تواجه كثير من الدول الغنية، ففي كندا يصل وزن تلك الأغذية إلى 3.8 ملايين طن في السنة، ولا ندري كم الفائض من الطعام لدينا! وهنا أقترح بعض الوسائل المفيدة للاستفادة من تلك الأغذية وحفظاً لها من الامتهان، ويمكن أن تشارك الهيئة الوطنية لمكافحة الفقر في تبني بعض هذه الأفكار:
1- إن أفضل وسيلة للاستفادة من فائض الأطعمة هو توصيلها مباشرة للمحتاجين بشكل صحي وآمن، والمطلع على جهود الجمعيات الخيرية في هذا المجال يسره عملهم الدؤوب وجهودهم المتميزة، لكن ما زال هناك أمور مهمة يجب حلها، من ضمنها كيفية جمع تلك الأغذية من الناس.
فللأسف ما زال الكثيرون يباهون بزيادة الأطعمة وآخرون يتثاقلون عن توصيل المتبقي لمن هم بحاجة إليه أو على الأقل لتلك الجمعيات التي فتحت أفرعاً لتسهيل تلقي تلك الأطعمة، كذلك ما زال هناك مشكلة في حفظ تلك الأغذية وتوزيعها بالذات الأغذية التي تصل في وقت متأخر عندما تنتهي الحفلات مع محدودية إمكانات تلك الجمعيات، لأن حفظها بشكل سليم يتطلب اشتراطات صحية معينة لكيلا تفسد تلك الأطعمة، مثل تعبئتها في حاويات صغيرة ووضعها في أرفف مجمدة لكي تتوزع البرودة وتصل لكل أجزاء الغذاء في زمن مناسب، وهذا يستلزم جهداً آخر للقيام به.
2- للاستفادة من الأغذية التي لا تصلح للاستهلاك الآدمي، مثل الأغذية منتهية الصلاحية أو متبقيات الفواكه والخضار من الأسواق والأغذية المختلطة المتبقية من المطاعم وغيرها أو غير النظيفة، أو تلك التي تم تسخينها فلا يصلح تسخينها مرة أخرى، فهناك طرق متخصصة ولكنها بسيطة للتعامل معها، أقترح أن تتولاها شركة متخصصة بحيث يقدم لها تسهيلات من الدولة ومن أهل الخير لتصنيع أغذية الحيوانات، ويمكن لهذه الشركة أن تربح أرباحاً جيدة كما تفعل شركات مشابهة في كثير من الدول.
هذه الأغذية تجمع مع بعضها (بحيث لا تحتوي على اللحوم) ويتم طحنها وحقنها بالأكسجين لكي يتوزع على كل أجزائها وتترك لمدة 24 ساعة لتتمكن بكتيريا معينة من تحليلها ثم تجفف وتصنع لتكون طعاماً للدواجن والحيوانات.
إحدى الشركات في كندا بدأت بتسلم 200 طن يومياً من تلك مخلفات الأطعمة فقامت بتصنيع 30 طناً يومياً من أغذية الدواجن والحيوانات.
انظروا كيف أن تلك المخلفات بدون ثمن ثم تحولت إلى 30 طناً من الأغذية، كم تقدرون الربح في الكيلو الواحد؟؟ بلا شك أنه مشروع مربح.
وهناك شركات أخرى تصنع المواد البلاستيكية من تلك المخلفات بعد أن كانت تدفع على المواد الخام الشيء الكثير ومن أشهر تلك الشركات شركة بريطانية ناجحة تعمل بهذه الطريقة من عدة سنوات.
المطلع على تجارب تلك الدول يجد العجب وكيف نفرط في أمر نحن مأجورون على فعله قبل التفكير في الربح المادي.
أقترح أن تسند جميع طرق إعادة التصنيع سواء للأغذية أو غيرها لشركات محددة، لكي يمكنها الاستفادة من الزجاج والعلب والورق ونحوها، إضافة إلى تلك الأغذية، فلم نكن نتصور أن الورق سيعاد تصنيعه في المملكة ولكن ذلك أصبح واقعاً، وستبدو فكرة إعادة تصنيع الأغذية فيها بعض الصعوبة ولكن عندما ينطلق ذلك المشروع الخيري سيجد الدعم من الجميع وسيكون استثماراً جيداً.
3- استخدام بعض تلك الأغذية - يستبعد من ذلك اللحوم وأشباهها - لتغذية الحيوانات بعد وصولها مباشرة بعد فرزها والتأكد من عدم مناسبتها للاستهلاك الآدمي، دون تبريدها أو حفظها بالتعاون مع مزارع الدواجن أو الأغنام. وأظن أنه يمكن تصريف كمية بسيطة فقط بهذه الطريقة.
4- يمكن الاستفادة من تلك المخلفات كأسمدة وهذه أيضاً ناجحة في كثير من الدول، ويمكن تصنيع تلك الأسمدة من بقايا الأغذية التي لا تصلح حتى لتغذية الحيوانات.
(*) استشاري التغذية الاكلينيكية
فاكس 4355010 تحويلة 386 |