تحت باب مدح الصمت ذكر عبدالملك الثعالبي في كتابه (الظرائف) ان من حكم لقمان: الصمت حكمة وقليل فاعله.
وكان يقال: الصمت أنفع للناس، والسكون أنفع للطير، لأن الطير إذا نبش قُبض وحُبس.
قال أحد الشعراء:
الصمتُ يُكسب أهله
صدق المودّة والمحبّة
والقول يستدعي لصا
حبه المذمة والمسبّة
فاترك كلاماً لاغياً
ولا يكن لك فيه رغبة
وقد قيل: أربع كلمات صدرت عن أربعة ملوك، كأنها رميت عن قوس واحدة.
قال كسرى: لم أندم على ما لم أقل، وندمت على ما قلت مراراً. وقال قيصر: إني على رد ما لم أقل أقدر مني على رد ما قلت.. وقال ملك الصين: إذا تكلمت بكلمة ملكتني، وإذا لم أتكلم بها ملكتها. وقال ملك الهند: عجبت لمن يتكلم بالكلمة، إن رُفعت ضرته وإن لم تُرفع ما نفعته.
قال أحدهم نظماً:
ولو يكونُ القولُ في القياس
من فضة بيضاء عند الناس
إذاً لكان الصمتُ من خير الذهب
فاسمع هداك الله تلخيص الأدب
قيل: من علامات العاقل حسن سمعه وطول صمته.
قال بعض الحكماء: أول العلم الصمت والثاني حسن الاستماع والثالث الحفظ والرابع العمل به والخامس نشره.
قال شاعر:
مُتْ بداء الصمت خيرٌ
لك من داء الكلامِ
إنما العاقل من أل
جمَ فاه بلجامِ
وجاء في ذم الصمت قول بعض الحكماء: إنك تمدح الصمت بالمنطق ولا تمدح المنطق بالصمت، وما عبّر به عن شيء فهو أفضل.
قال رجل بين يدي عمر -رضي الله عنه: الصمت مفتاح السلامة فقال: نعم ولكنه قُفل الفهم.
وقيل: من تكلم فأحسن قدر ان يسكت فيُحسن.
وقال آخر: أخزى الله المساكتة فما أسوأ أثرها على اللسان وأجلبها للعي والحصر إلى الإنسان.
وقيل: اللسان عضو فإن مرنته مرن، وإن تركته حرن.
وأختم بهذه الأبيات الرائعة: