فتحت عينيّ.. الظلام دامس من حولي.. كم من الوقت يا ترى استغرقت وأنا في هذا السبات؟.. كم من الوقت وأنا ملقى على هذا الفراش؟.. كم من الوقت نفد وانتهى وأنا أسير لهذه الوسادة؟ تاركاً مهماتي وأموري ملقاة وراء ظهري؟؟
كم هي الساعة الآن؟.. اتجهت عيناي إلى هاتفي المحمول.. الساعة تشير إلى ال1 صباحاً والرسائل الواردة =1.. من هو المرسل يا ترى.. من هو ذلك الإنسان الذي أضاع من وقته ثواني معدودة وأرسل رسالة قد تحمل ذكرى أو تحمل تحية.. فتحت الرسالة.. مذهل!!..
الجوال: عزيزي العميل لقد تم إصدار فاتورتك بمبلغ (.........)!!!!
يا لهذه البدايات الموفقة لهذا اليوم الجديد.. أين موقعي في هذا اليوم.. يجدر بي في البداية ان أشعل الضوء كي أرتب ما تبعثر من حياتي وجدولي اليومي..
أخذت وقتاً من التفكير المتواصل كعادتي.. قمت بترتيب ما أخفقت في عمله.. وأعدت ذهني إلى نقاوته وجدولي اليومي إلى موضعه الصحيح.. واستعدت كامل قواي وطبيعتي بعد هذه الكبوة وهذه الغفوة التي في غير موضعها السليم..
يا للفراغ الممل في هذه العطلة.. ماذا أفعل يا ترى.. مكتبتي خالية من الكتب الجديدة.. كل ما تحتويه قد تمت قراءته مرات ومرات.. والمكتبات مغلقة في وقت متأخر كهذا؟؟
ماذا أفعل؟ لأرى ما يعرضه التلفاز لهذا اليوم.. اتجهت إلى الصالة.. فتحت التلفاز.. ألقيت نظرة سريعة لأفضل الأماكن للجلوس.. ها هي.. الأريكة.. كانت تحمل اللون البني القاتم.. مع زخارف أثرية ذات لون (بيج) توحي بفخامة المجلس.. مخصصة لشخصين.. كأنها صنعت لجلوس شخص ونصفه الآخر.. في حديث عاطفي رائع.. تعلوه نبضات القلبين.. وتدنوه همسات الشفتين.
فضّلت ان تبقى الإنارة من خلال ضوء التلفاز بالإضافة إلى شمعة ذات ضوء خافت أشعلتها ووضعتها على الطاولة الزجاجية وهي ما قد تُشعر باستعادة بعض الذكريات العاطفية...
انطلقت إلى المحطة التلفزيونية الأولى.. يبدو لي انه برنامج رائع.. فالحضور الجماهيري لاستديو البرنامج كبير.. واللافتات التشجيعية والأصوات توحي بمنافسة مثيرة.. ولكن ما كل هذه الضجة والحماس..
صاحت المذيعة.. والفائزة بلقب ملكة جمال دولة ال....... هي (......)..
وتعلو الصيحات.. والبكاء.. والفرحة العارمة..
== هه! تباً لأناس هذه اهتماماتهم..
انتقلت إلى المحطة التلفزيونية الثانية.. اتصالات هاتفية من جميع أنحاء الوطن العربي.. لجنة التحكيم في قمة جديتها واستعدادها.. اتصالات كثيرة.. إحصائيات بعدد المتصلين والمؤيدين.. العمود (أ) يشير إلى 52% بينما العمود (ب) يشير إلى 48%.. الفارق بسيط.. والمنافسة كبيرة وفي قمة إثارتها.. تساءلت في نفسي.. ما هذه المنافسة؟.. هل لها علاقة بمناصب سياسية أم ماذا؟
صاح المذيع.. والفائزة بمسابقة أجمل كلب هي (.......)
أيضاً.. تعلو الصيحات والبكاء والفرحة العارمة..
== هه! تباً لأناس هذه اهتماماتهم..
لأرى ما تحمله باقي المحطات التلفزيونية.. ما هذا.. انتخابات أشبه بانتخابات لاختيار رئيس للعالم كله.. حضور رهيب في ذلك الموقع.. هالة إعلامية كبيرة.. وقد أبصم أن من خارج الموقع ينتظرون الدخول.. أكثر ممن هم في داخله.. أيادٍ ترتفع وأيادٍ تهبط.. ورجال الصحافة والإعلام منتشرون في كل مكان..
احتجاجات واضحة.. عبارات تظلم
صاحت المذيعة هذه المرة.. والفائزة بجائزة أجمل (تسريحة) هي (.......)
أيضا تعلو الصيحات.. والبكاء والفرحة العارمة..
== هه!! تباً لأناس هذه اهتماماتهم..
نظرت نظرة تأملية في الفضاء.. ثم اتجهت عيناي إلى جهاز التحكم (الريموت كنترول).. ضغطت على زر (of)... أكملت ما تبقى من نظرة التأمل في الأفق.. بعدها ارتسمت على شفتيّ ابتسامة صغيرة.. أكملتها بعبارة.. (ليتني بقيت نائماً).
|