أعتقد أننا لو بحثنا في أمر معوقات أو عراقيل برامج وأهداف التنمية العربية الحديثة والمعاصرة لوجدنا أن كليسترول (التسيس) يحتل صدارة هذه المعوقات. وأقصد بذلك على وجه التحديد انصراف المواطن إلى الانشغال في شؤون وشجون السياسة بطريقة أقل ما يمكن وصفها بالهدر المضر. ومما يبدو فالمواطن العربي هنا ليس إلا ضحية لجهله مثلما أنه ضحية لتجهيله، حيث بذلك تم إدخاله قسراً في دوامة (الممنوع المتبوع) فأغفل أهمية الأخذ بمبدأ الأولويات الواجب الأخذ بها مما جعله يصبح من ثم كمعيد (القريتين) من حيث إنه من جهة لم يحقق ما كان يصبو إليه من أهداف وآمال وتطلعات سياسية في الوقت الذي لم يوفر فيه المتطلبات الضرورية واللازمة للحظوة بمقومات العيش الكريم من جهة أخرى.
ولهذه الظاهرة العديد من الأسباب التي من ضمنها التعريف العربي الخاطئ لمعنى الحرية حيث في الغالب يعرف العربي - عبر كافة أطيافه - الحرية بمنظور سياسي وأخلاقي فقط ومن هنا يتم تضييق واسع رغم ما يحمله من مضامين إيجابية في كافة أصعدة ومجالات الحياة الأخرى. عليه فإن أكن خاطئاً في هذا التعليل فلِمَ هي إذن الشعوب العربية مسيسة إلى حد النخاع ومشبعة بكليسترول السياسة إلى درجة التخمة..؟ وكيف نجح العرب في انتزاع الدسم من لبنهم الرائب وغير الرائب.. وفشلوا في الوقت نفسه في أن ينتزعوا كليسترول السياسة من عقول شعوبهم، بل ما هي يا ترى أفضل الطرق وأيسرها لنزع (نزعة) التسييس هذه؟
ختاماً وعوداً على العنوان أعلاه ما هو القاسم المشترك بين التسوس والتسيس؟.... طبعاً النخر...!
|