* صنعاء - عبدالمنعم الجابري:
أكد صاحب السموالملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية أن تنفيذ معاهدة جدة تسير بشكل جيد ومطمئن.
وقال سموه في حديث شامل لصحيفة (26سبتمبر) اليمنية تنشره معها (الجزيرة): (نحن على ثقة من أنفسنا وعلى ثقة من إخواننا اليمنيين بأننا حريصون على هذا الإنجاز الكبير الذي قطع الطريق أمام كل من يريد لبلدينا ومنطقتنا سوءا.. ونعمل معاً لتحقيق المصلحة العليا للبلدين).
وأكد أن قرار سعودة الوظائف ليس المقصود به اليمنيين، لكنه هدف استراتيجي للحكومة السعودية بعد أن باتت تخشى من تزايد البطالة وارتفاعها.
وأشار إلى أن التعاون الأمني في مجال مكافحة الإرهاب بين البلدين يمضي إلى الأفضل وفقاً لمصالحهما المشتركة لكنه قال: (نحن حقيقة بحاجة إلى جهود أكثر في هذا المجال).
وأكد: أن العناصر الإرهابية الموجودة في المملكة ليست بالحجم الكبير الذي يهدد الدولة مبيناً أن السلطات السعودية قطعت شوطاً كبيراً في إفشال وكشف العديد من العمليات الإرهابية قبل أن تنفذ وأحبطت عشرات الخطط والأعمال التخريبية الفظيعة.
ووصف سمو الأمير نايف التعامل الأمريكي مع السعوديين المسافرين إلى الولايات المتحدة الأمريكية بأنه غير حضاري ولا يحترم الإنسان وحقوقه..
وأكد أن موقف بلاده من المشروع الأمريكي للإصلاح واضح جداً، وهي لا تقبل بأي حال من الأحوال التدخل في شؤونها الداخلية، وترفض شيئاً اسمه ضغوط.
و تناول الحديث مع سموه العديد من القضايا والموضوعات المتصلة بالعلاقات السعودية اليمنية والقضايا والمستجدات المختلفة على الساحة الإقليمية.
وفيما يلي نص الحوار:
* بعد أربع سنوات من توقيع معاهدة جدة الحدودية، كيف ترون سمو الأمير ما تحقق حتى الآن على صعيد العلاقات اليمنية - السعودية والتعاون المشترك بينهما، وهل أنتم راضون عما تحقق؟
- كما تعلم فهناك جهود كبيرة بذلتها القيادة في المملكة العربية السعودية والقيادة اليمنية حتى تحقق الوفاق الذي أدى إلى توقيع المعاهدة، وبما يحقق المصالح المشتركة للبلدين الشقيقين وإزالة كل ما كان من الممكن أن يكون مجالاً لمن يريد أن يسيء إلى البلدين والعلاقات بينهما. وأعتقد أن كل ما يتعلق بالمعاهدة وتنفيذها يسير على ما يرام، وأن هناك رغبة من الجانبين لتفعيل ما جاء فيها والدفع بالعلاقات والتعاون المشترك إلى الأمام.
وحقيقة إذا كان هناك ما يمكن أن يقال في هذا الجانب فهو ما حدث من تأخير فيما يتعلق بإنهاء ترسيم الحدود ووضع العلامات الحدودية وفقاً لما جاء في المعاهدة، وتطبيق ما تقتضيه فيما يتعلق بترك المواطنين والمنافذ وكل ما يهم المواطنين على الحدود وذلك بسبب توقف أعمال الشركة المنفذة لعدة مرات.
ودعني أقول لك صراحة: إننا في المملكة لم يكن لنا ضلع في ذلك وما نخشاه هو أن تطالبنا الشركة بتعويضات على هذا التأخير، مع أننا كنا قد اتفقنا على أن تكون هناك قوة مشتركة خوفاً من أن يأتي من يتدخل في أعمال الشركة المنفذة سواء من جهتنا أو من جهة اليمن.
ربما هذه هي الملاحظة الوحيدة، رغم أهميتها على اعتبار أننا لو أنهينا وضع العلاقات كنا سننتقل إلى المرحلة الثانية بعد ترسيم الحدود، أما غير ذلك، فكما ذكرت لك فإن الأمور تمضي بشكل طيب، وأنا لا أدري أن الوضع كان سيكون أفضل لو كان للأشقاء في اليمن جهاز مختص في الحدود مثل ما هو موجود لدينا وأقصد بذلك حرس الحدود، وقد سبق أن بحثنا الموضوع معاً، وكانت هناك قناعة بضرورة إيجاد مثل هذا الجهاز.
الشيء الآخر يمكن أن أقول بأن ما حدث من ضجيج إعلامي وسياسي حول ما أسمي بالجدار وتشبيهه بالجدار ا لعنصري الإسرائيلي ربما أيضاً كان له بعض التأثير، حيث استغل الإعلام العربي والأجنبي ذلك وحدث ما حدث، حتى جاءت زيارة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح إلى المملكة، وتم التفاهم وانتهى الموضوع بإيقاف العمل كما تابعتم.
لكن الحقيقة أن ذلك العمل لم يكن فيه أي إخلال بالمعاهدة من الناحية القانونية، وهو ليس جداراً كما كانت تقول وسائل الإعلام، فهو عبارة عن مواسير في منطقة وعرة داخل الحدود السعودية لا تسمح للسيارة بالمرور عبرها والمقصود منها منع التهريب، مع العلم أن هناك اتفاقاً بتجديد مداخل أخرى غير المنافذ الرسمية تسمح للمواطنين بالتحرك.
وأود أن أقول لك: إن حدودنا من الكويت إلى أن تصل الأردن كلها توجد بها عوائق مماثلة في شكل مواسير أو عقوم أو حفر طويلة، وكلها داخل أراضينا كما هو ا لحال بالنسبة لحدودنا مع اليمن، ولذلك كان من الممكن أن نستمر في العمل، ولكن عندما جاء فخامة الرئيس رأت قيادة المملكة بأنه لا داعي لكي نعطي مجالاً لمن يريدون الاصطياد في الماء العكر وصدرت التوجيهات لوزارة الداخلية بالتوقف عن العمل، ويكفي ما حصل وسنبحث في ماتبقى فيما بعد.
وأقول صراحة: إن كل ماكنا نبتغيه من ذلك العمل هو التعاون في منع التسلل والتهريب ولما فيه مصلحة البلدين..
والتأكيد بأن هذه المعاهدة التي لم تتحقق إلاّ بعد زمن طويل وبعد جهد مضن بذله البلدان يجب أن تحترم وأن تراعى، وكلنا آمل في ذلك، بحيث لا نترك مجالاً لأعداء البلدين ليعكروا صفو العلاقات القائمة بينهما.
وهنا لابد من التوضيح بأنني عندما أقول الضجيج الإعلامي فلا أعني أن وسائل الاعلام والصحافة بالذات لا تنتقد ما تراه خطأ، لكن يجب أن تكون الروح وفاقية قائمة على الود وإزالة الشكوك ليس من نفوس القيادات، ولكن من نفوس المواطنين في البلدين، حتى تتعزز الثقة بينهما أكثر وأكثر، فالصحافة يجب أن تنظر الى الأمور بموضوعية، فإذا رأت قصوراً سواء من الجانب اليمني أو السعودي يجب أن تنبه إليه، ولكن كما قلت بروح الألفة، ولا أعتقد أن هذا يمكن أن يتعارض مع حرية الرأي.
على العموم، رغم كل ذلك، أؤكد ثانية أن تنفيذ المعاهدة يسير بشكل جيد ومطمئن، ونحن على ثقة من أنفسنا وعلى ثقة من إخواننا بأننا معاً حريصون على هذا الإنجاز الكبير الذي قطع الطريق أمام كل من يريد لبلدينا ومنطقتنا بسوء والعمل على تحقيق المصلحة العليا للبلدين.
* هذا كلام طيب.. ولكن سمو الأمير اسمح لي أن أتحدث بصراحة لأقول لك بأن حاجز الثقة خلفته سنوات ما قبل المعاهدة ما يزال يلقي بظلاله أحياناً على هذه العلاقات كما يبدو، ويتضح ذلك من خلال تعامل بعض الأجهزة السعودية مع اليمنيين..
- مقاطعاً.. هل تحدد لي نوع التعامل؟
* حسب علمي مسألة ما يواجهونه من تعسف ومعاملة سيئة في الترحيل، أو ما يتعرضون له في الحدود، ثم مسألة (السعودة) والتي يبدو وكأن المقصود بها الجالية اليمنية كونها ربما الوحيدة أو الأكبر التي تعمل في مجال الذهب والأقمشة وأنواع التجارة الأخرى..
- أولاً يسعد ني طرح مثل هذا السؤال، وما أريده حقيقة أن كل ما يدور في بال اليمنيين على أي مستوى سواءً كان من سياسيين أو إعلاميين أو من رجال الاقتصاد والمال أو من المواطنين العاديين أتمنى أن يطرح، وثق أننا سنتعامل معه بكل موضوعية.
ثانياً: أحب أن أؤكد لك بأن قانون العمل أو ما يخص سعودة الوظائف ليس بجديد، وقد تم بحثه على كافة المستويات قبل المعاهدة وأثناء مباحثاتها وبعدها، ولا أعتقد أن أي مسؤول في اليمن وعلى رأس الجميع فخامة الرئيس علي عبدالله صالح إلاّ ولديه علم بذلك ويتفهم وجهة النظر السعودية في هذا الخصوص.
وليس صحيحاً ما ذكرته من أننا نعني اليمنيين بهذا التعامل، لكن الصحيح أننا فعلاً نعاني ونخشى من تزايد البطالة وارتفاعها،وما يسمى بالسعودة هي هدف استراتيجي للحكومة السعودية لابد من تحقيقه، وإلاّ ما معنى أن نعلَّم أبناءنا ولماذا يكون لدينا معاهد وكليات وجامعات، فمثلاً هل تعلم أن في هذا العام سيتم فتح (35) معهداً وكلية مهنية، بل نحن أصبحنا نشجع الجامعيين لكي يتركوا الجامعات ويذهبوا للدراسة في هذه المعاهد،وأخيرا تقوم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بالتفرغ لهذا الامر..
وأؤكد لك: وأنا مسؤول عن كلامي بأننا كمسؤولين نقسم بالله أننا لا نفرق في هذا الموضوع بين يمني أو أي جنسية أخرى، وكل ما في الأمر أن الدولة رأت بأنه لابد من اتخاذ هذه الخطوة وبدأت في تنفيذها، ولتحقيق ذلك فقد تم إنشاء بنك للتنمية البشرية للصرف ومساعدة من يريدون أن يتجهوا للتدريب ومساعدة المؤسسات والشركات في توظيف الشباب السعودي، بحيث يتولى البنك دفع (50%) من المرتب للموظف لمدة سنتين حتى يكون مؤهلاً لشغل الوظيفة، وهذا ليس محصوراً في نوعية من العمالة، ما عدا الخبرات الفنية النادرة التي فعلاً لا يوجد سعودي لشغلها أو أن العدد غير كافٍ.
بمعنى أنه عملياً أن يجد كل سعودي عملاً، هذا مطلب وطني استراتيجي تعلق بأمور كثيرة سياسية واقتصادية كما يتعلق بسيادة البلد وغير ذلك، وأعتقد أنه ليس هناك أسوأ من أنك تعلم إنساناً ولا يجد مجالاً للتوظيف عندما يتخرج.
ولذلك، أرجو صادقاً أن تتأكد وبدون أي شك أنه ليس استهدافا لليمنيين وليس لأسباب معينة، وأؤكد لك بأنه ليس هناك استثناء أبداً لأية دولة عربية أو إسلامية أو دولة صديقة، وما نتمناه هو أن يقتنع إخواننا في اليمن بهذا الأمر وأن يقتنعوا بصدق تعاملنا وبوضوح هدفنا وأن يستمعوا لنا بعقولهم، ولو سألت مكاتب الاستقدام ستجد أن لديهم توجيهات منا بإعطاء اليمنيين الأفضلية، ولكن وفق ضوابط الاستقدام ووفق النظام، وأرجو ألاّ يشك أحد ولو بنسبة واحد بالمائة بأن المسألة تتعلق بأسباب سياسية.
* عفواً سمو الأمير، ليس هذا ما أعنيه فقط فيقال بأن اليمنيين المرحلين يتعرضون لمعاملة سيئة خلال فترة احتجازهم قبل الترحيل..
- لا.. لا.. أرجو أن تطرح الأمور على حقيقتها، ولو كنت أعلم أنك ستطرح ذلك لكنت أحضرت لك أشرطة لترى الأعداد الهائلة التي يتعامل معها حرس الحدود وكيف يتعاملون مع المئات والآلاف، إنهم يستقبلونهم ويكرمونهم بالمستوى الذي يليق بهم كيمنيين وبعدها يطلبون منهم العودة من حيث أتوا لا أكثر ولا أقل.. أما حكاية المعاملة السيئة التي ذكرتها، فأنا لا أظن أن مسؤولاً عسكرياً أو غيره يأتي بتصرفات مثل هذه، كونها اذا حدثت فهي ليست القاعدة، وإنما تعتبر شاذة، واذا وجدناها سنعاقب من يقومون بها، لكننا بشكل عام نؤكد بأنه ليس هناك معاملة سيئة ولا نقبلها بأي حال من الأحوال، فنحن لنا أخلاقنا ونحترم أشقاءنا أياً كانوا، ونرى أن من حق الأخوة اليمنيين أن نحترمهم اكثر، وبالعكس فنحن نقول لرجالنا تعاملوا بأفضل ما يمكن معهم، حتى إننا اتفقنا أن تكون هناك مراكز في الحدود يعملون على حل أية مشكلة قد تحدث.
وعلى العموم فإذا كانت هناك أخطاء فهي استثناء كما قلت لكنه رغم ذلك لا يترك بل يواجه ويعاقب من ارتكبها، وأتمنى اذا كانت هناك وقائع كهذه أن تقدم لنا كحقائق وأشياء مادية ملموسة للتحقق منها.
أما مسألة تجارة الذهب، فأنت تعرف أن فخامة الرئيس علي عبدالله صالح ناقشها مع القيادة السعودية أكثر من مرة وسبق أن أغلقنا بعض المحلات وجاءني أصحابها السعوديون واتفقت معهم على مهلة لمدة سنتين على أن يتم تشغيل 30% سعوديين بعد أن يتدربوا، وفي السنة الثانية 70% وهكذا، وهذا الذي تم بالضبط.
البعض يقول لنا، إنكم خسرتم ناساً فنيين، ولكن لو نظرنا الى المسألة بنظرة اقتصادية سيجدون أنها صعبة، لأننا نفقد الكثير حقيقة، وهناك مبالغ كثيرة كان يمكن أن تغير الأوضاع بشكل كبير تقدر بنحو (5 أو 60) بليون ريال سعودي او ما يعادل حوالي 2 أو 15 بليون دولار تخرج من البلاد سنوياً عن طريق تحويلات العمالة غير السعودية وهذا بدون شك استنزاف لأموال البلاد.
واذا استثنينا الجنسيات العربية وهي الاقرب لنا، فإننا نعاني أيضاً من الجنسيات الأخرى التي تختلف في طريقة تفكيرها وفي أخلاقياتها وفي عاداتها وغير ذلك.
ولذلك، يجب أن يكون معروفاً بأن هذه المسألة أصبحت من أولويات المشاكل في المملكة بالنسبة لكافة المستويات، وهناك الآن ندوات مفتوحة بين المسؤولين في الدولة وبين جميع قطاعات رجال الأعمال، كما أن هناك ما يسمى بيوم المهنة في الجامعات يقدم فيه بحوث متعلقة بهذا الموضوع ومعالجة مخرجات التعليم.
ولولا اهتمام الدولة بهذا الأمر وأنها تضعه في أولوياتها لما تم فصل وزارة من أول حكومة شكلت وهي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وتعيين الدكتور غازي القصيبي وزيراً للعمل والذي تحمل عبئاً كبيراً... ومطلوب منه تحقيق التقدم المطلوب في هذا المجال.
وفي الأخير، أؤكد لك مجدداً أن مسألة الإساءة لليمنيين او أنهم المقصودون بهذا القرار غير صحيح بل نحن نرفضه ونعتبره إساءة لنا.
* لكنني أردت أن أقول صراحة إن عدداً كبيراً من اليمنيين سيتضررون من ذلك؟
- بالتأكيد..
* إذاً أليس هناك معالجة أخرى للوضع؟
- لا اعتقد، فالقرار قد اتخذ ويتم تنفيذه وفق سياسة مرسومة، وليس هناك تغيير في موقفنا، قد تكون هناك مهلة، لكن في الأخير لابد من مصداقية الدولة.
* الآن دعنا ننتقل إلى موضوع آخر وهو حول تقييمكم للتعاون الأمني بين البلدين وبالذات في مجال مكافحة الإرهاب وتسليم المطلوبين؟
- التعامل في هذا المجال يسير نحو الأفضل، وهناك اتصالات مستمرة بيننا وتبادل للمعلومات والعمليات المشتركة للمتابعة، ونحن على يقين من أن من يحمل مثل هذه الأفكار اذا عمل شيئاً معيناً في اليمن سيأتي ويعمله عندنا ايضاً، فالأنصاري مثلاً الذي نفذ العملية الإرهابية في ينبع يقال إن أصله يمني لكنه هو ومن معه بدون شك سعوديون أباً عن جد، وهم عبارة عن اثنين اخوة واثنين أخوال أحدهم خرج في عام 1415هـ وكان عليه تهمة وكنا نتابعة وبعد فترة علمنا أنه تم القبض عليه في اليمن، وقبل حوالى ثلاث او أربع سنوات عندما كنا في تونس أكد لي الأخ حسين عرب وزير الداخلية السابق أنه موجود فعلاً، وسيتم تسليمه، بعدها تبادلت معه الرسائل بهذا الخصوص عدة مرات وفجأة أبلغونا أنه خرج من اليمن أيضاً، تابعناه فعرفنا أنه في لندن ويعمل مع بعض السعوديين الموجودين هناك مثل المزهري والفقيه، ثم ترك لندن بعد ذلك بفترة وذهب الى باكستان وأفغانستان وانقطعت أخباره.
وبعد فترة من ذلك ثبت لدينا بأنه دخل الى السعودية متسللاً وكنا نتابعه ايضاً واذا بنا نفاجأ بالعملية التي نفذها في (ينبع) هو ومساعدوه.
والذي أريد أن أقوله لو كان تم تسليمه لنا في وقته لما حدث شيء، لكن ربما قد يكون هرب من السجن أو غيره ولا أدري كيف خرج من اليمن.
وبالنسبة لنا حقيقة لا أذكر أننا قبضنا على أحد المتهمين المطلوبين اليمنيين الا وسلمناه، وقد يحصل التأجيل أحياناً حتى نأخذ ما يخصنا من تهم وقضايا، وقد سلمنا قبل أيام مجموعة من هؤلاء، لكن المهم في الأمر أننا لا نريد أن نتعامل بطريقة واحدة.
وأعتقد أن هذا التعاون الأمني يجب ان يمضي الى الأفضل خاصة في ظل المعاهدة ووفقاً للمصالح المشتركة بيننا، وحقيقة نحن بحاجة الى جهود أكثر في هذا المجال.
* ولكن عفواً سمو الأمير، فقد كانت هناك أنباء عن رفض السعودية تسليم مطلوبين يمنيين محتجزين لديها؟
** ليس هناك أحد محتجز لدينا لا يعلم به إخواننا في اليمن، فقد تم تسليم كل من لدينا، وإذا كان تبقى لدينا أحد فهو كما قلت لك قد يكون متهما بأعمال تخص السعودية، وبالتالي سوف يخضع لعقوباتها، ولكن في النهاية سيتم تسليمه لليمن.
وقد سبق أن سلمنا العشرات من المطلوبين للحكومة اليمنية، وبنفس المستوى لو تم القبض على سعودي يعمل ضد اليمن فلا أستطيع أن أقول لابد أن تسلموه لنا، بالعكس أقول لهم طبقوا القانون اليمني أولاً، وهذا شيء طبيعي.
* هناك موضوع آخر أطلب رأيكم فيه بصراحة أيضاً.. وهو ما تتناقله بعض الصحف السعودية حول أعداد المتسللين من اليمن الى الأراضي السعودية والتي تصل احياناً الى أرقام مبالغ فيها، فهل يمكن أن يصدق الإنسان أنه في خلال شهر مثلاً يمكن ان يصل عدد المتسللين الى اكثر من (50) الف؟
- لا.. لا ليس مبالغة ولا تفخيماً ولدينا ما يؤكد هذا بالإحصاء والأرقام وبالتوثيق والصور، والأعداد فعلاً تصل الى مئات الألوف في السنة، واذا كان هناك تشكيك او عدم قناعة فنحن على استعداد لتوضيح ذلك سواء للإعلاميين او المسؤولين، فهناك ألبومات صور تصل أحياناً الى الآلاف، ومنهم من يستطيع العبور ومنهم من يعود من منطقة جيزان أو عسير.
ولذلك أؤكد بأنه ليست هناك أية مبالغة فيما تقوله الصحف، ونحن لو سمحنا للإعلام بأن ينتقل إلى المنافذ او الحدود كان يمكن أن ترى أكثر من هذا العدد بكثير، والأمر الآخر أؤكد لك بأننا لا نرغب في التصعيد او المبالغة.
* ليس أنتم سمو الأمير، ربما كان المسؤولون او الأفراد الموجودون في الحدود، وحسب علمي أن الوزارة تخصص مكافآت لحرس الحدود عند القبض على متسللين..
** ليس صحيحاً، وليس هناك مكافآت لأن هذه مهمتهم لكن هناك حقائق لا تقبل الشك موثقة ومعروفة والسلطات اليمنية المجاورة لنا تعرف هذا.
* في نفس الاتجاه.. وبنفس الصراحة، أنتم تقولون أن أمن السعودية هو أمن اليمن...
- مقاطعاً.. أنا أتمنى أن لا يكون هناك تساؤل أو أي شيء يقال عن المملكة ولا تطرحه.. فتحدث بصراحة ولا تتردد.
* ذكرتم أن حرس الحدود يضطر أحياناً لإطلاق النار على المتسللين اليمنيين، في الوقت الذي هم ليسوا إرهابيين ولا يحملون أسلحة او متفجرات، فإما أن يكون هدفه البحث عن عمل أو أنه يحمل قاتاً..
** قلت لك عندما يطلق هو النار لابد أن يدافع الجندي عن نفسه، او عندما يهرب فإنه يدخل الشك، في الوقت الذي لو توقف عندما يدعوه الجنود لذلك لما حدث شيء.
* هل تتوقعون أن شخصاً يبحث عن عمل يحمل معه سلاحاً؟
- لا.. لا لم أقل أن المتسلل يحمل سلاحاً، إنما أقصد المهربين الذين يهربون الأسلحة او المخدرات او القات، أما المتسللون فلا، وليس هناك ما يبرر ذلك، لأن المطلوب منهم هو العودة من حيث أتوا، وما دام حدث ذلك فقد انتهى الموضوع.
* إذاً طالما أن المصلحة مشتركة، فما الذي يمكن أن تقدمه المملكة العربية السعودية لدعم حرس الحدود او خفر السواحل في اليمن لكي يتم ضبط العملية خاصة وان لديكم خبرة في هذا المجال؟
- لقد أبدينا استعدادنا الكامل لتقديم كل ما نملكه من خبرات في هذا الجانب، وليس لدينا تحفظ في ذلك، وأحب أن أؤكد بأن كلياتنا ومعاهدنا مفتوحة أمام الإخوة اليمنيين، وهناك منح مخصصة للدراسة فيها، ونحن لا نبخل في تقديم أي خبرات بكل ما يمكن، أما بالنسبة للتجهيزات وغير ذلك فهذه تعتبر التزامات مالية تخضع لمدى حجم التعاون بين البلدين، ويرجع البحث فيها على مستوى اللجان المشتركة.
* تصاعد الأعمال الإرهابية في المملكة بشكل مخيف هل تعتقدون أن جهات خارجية تقف وراءه مثل الصهيونية مثلاً كما قال صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز؟
- عندما تقول قيادتنا أن وراءها الصهيونية، أو عندما أذكر ما يبرر ذلك باعتبار أن الصهيونية تقف وراء أي عمل تخريبي في الوطن، وكذا الأمير سعود الفيصل الذي تحدث عن تلك الأعمال وخاصة حادثة (ينبع).. فهذه مسألة واضحة ومعروفة.
فمثلاً عندما سألني أحد الصحفيين في الكويت الأسبوع الماضي قبيل مغادرتي لها إن كنت أعتقد بأن القاعدة وراء حادثة (ينبع) فقلت له نعم، خرجت التعليقات بعدها تقول: بأن هذا مخالف لما ذكره ولي العهد الرجل الثاني والمسؤول عن الأمن في البلاد واعتبرت أن في ذلك تناقضاً. مع أنني عندما ذكرت ذلك لم أر فيه أي تناقض لأنني اعتبر أن القاعدة عميلة لإسرائيل والصهيونية، بمعنى أنني عندما أرد الفعل للفاعل فليس معناه أنني أنفي من وراء هذا العمل. فأنا تكلمت عن الجهة المباشرة، فهل في هذا تناقض، ولو كان هناك تناقض فعلاً لكان أول من يحاسبني مرجعي في ذلك وهو الأمير عبدالله.
* هل تعتقدون أن هناك عناصر أوأعداداً كبيرة من التنظيمات الإرهابية وتنظيم القاعدة في المملكة بحيث يمكن ان تشكل خطراً؟
- لا اعتقد أنها بحجم يهدد الدولة، واستطيع القول: بأننا الآن مطمئنون وواثقون من ذلك، ولكن هذا لا يمنع من أن تكون هناك خلايا لم تقم بدورها، غير أن المؤكد أننا قطعنا شوطاً كبيرآً في إفشال وكشف العديد من العمليات الإرهابية قبل ان تنفذ وأصبح لدينا قدرة في أن نصل أسرع الى هذه التنظيمات والأشخاص، ونحن نرى بأن من يقومون بذلك هم مجرد أدوات للتنفيذ، ربما ليس لديهم قناعات شخصية وحتى إنهم قد لا يعرفون من يساعدهم ويمولهم ومن يقف وراءهم.
ولهذا أقول لك إن كل ما يملكونه هو التعبئة الخاطئة والمفاهيم المغلوطة التي يحملونها مثل أنهم سينالون الجنة وأن ما يقومون به هو الجهاد، فالمسألة إذاً تحتاج الى وقت ولا نستطيع نحن كأجهزة أمنية مسؤولة أن نعطي تأكيدات او تطمينات وأشياء ترمى جزافاً بدون أن نكون فعلاً متأكدين من كل ما نقوله.
إنما الحقيقة والواقع أننا أحبطنا عشرات من الخطط والأعمال التخريبية الفظيعة واستطعنا أن نشل حركاتهم بحيث انهم أصبحوا يفكرون في الاختفاء والهروب اكثر من الإقدام على عمليات جديدة، اما اذا نفذوا مثل هذه العمليات فهي لن تكون إلاّ عبارة عن محاولة لإثبات الوجود فقط، لكننا كما قلت قد أصبحنا مهيئين تماماً لمواجهتها، حتى الأفراد والجنود أفهمناهم أننا في حالة حرب مع الارهاب ولابد أن نستمر فيها حتى تنتهي هذه الحرب مع الارهاب.
والدليل على قناعاتنا بذلك وحتى قناعة القيادة هو صدور أمر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز بصرف علاوة تسمى علاوة مكافحة الإرهاب لجميع العاملين في وحدات المكافحة وبنسبة ليست بسيطة وتصل الى (25%)، وهذا يؤكد أن الدولة تشعر بخطورة الموضوع وتشعر ان هذه القضية لن تستمر لمجرد أيام وتنتهي فقد مرت علينا الآن سنة كاملة بالضبط، ولو أخذنا خلالها قائمة بالعمليات التي حدثت وواجهناها وقائمة بالتي أحبطناها لوجدنا حقيقة أنها كثيرة، وهذا ما سنكشفه في الوقت المناسب حتى لا يؤثر ذلك على مجريات التحقيق.
* لا شك أنكم مطلعون على التجربة التي خاضها اليمن لمحاربة هذه الظاهرة بالحوار مع الشباب المغرر بهم والعائدين من افغانستان وحققت نتائج طيبة وحصلت على إشادات الكثيرين، وباعتبار أن المملكة العربية السعودية هي الأقرب لليمن، لماذا لا تستفيد من هذه التجربة؟
- لا بالعكس فنحن قدمنا أعداداً كبيرة تصل الى المئات من الشباب الذين لم يصلوا الى مستوى التنفيذ ولكن كان لديهم نفس الاعداد لذلك ويحملون نفس الفكر، ومثل هؤلاء نكتفي بتقويمهم وإرشادهم ونسلمهم لأولياء أمورهم، أما الفئة الأخرى والذين نجد أنهم نفذوا أو قاموا بعمليات فعندما نقبض عليهم نحيلهم الى القضاء، وهناك ايضاً لا يزال هناك مطلوبون من العناصر التي قد تكون معروفة بالنسبة لنا ونحن نتابعهم. ولكن والأهم من ذلك، نرى بأن الذين يساعدونهم ويتعاطفون معهم لا يتساوون معهم فقط بل يعتبرون اكثر خطورة منهم.
وعموماً نستطيع القول: بأننا متأكدون أننا سنصل في النهاية الى النتائج التي نسعى اليها ومعرفة من الذين يقفون وراء هؤلاء ومن الذين يدفعونهم ومن أين يمولونهم. فبعيداً عن عملنا اليومي كرجال أمن في المتابعة والملاحقة فهناك الآن من يقوم بالتحليل والدراسة والنقاش على مستوى علمي سواء في العلوم الشرعية او الدنيوية، ونحن في اجتماع وزراء داخلية دول مجلس التعاون الخليجي اتفقنا على أمرين وهما التحليل والدراسات العلمية، باعتبار أنك إذا لم تتعرف على عدوك تماماً فقد تكون المعالجة ناقصة.
* بمناسبة ذكركم لاجتماع الكويت، ما هي أبرز ملامح الاتفاقية التي وقعتموها لتعزيز التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب، وهل ستطرح على وزراء الداخلية العرب لتوسيع رقعة التعاون، خاصة وأن الإرهاب الآن يطال الجميع؟
- الاتفاقية منبثقة من الاتفاقية العربية، لكن هذه تتميز عنها بإدخال ما يتعلق بعمليات التطبيق العملي وقنوات الاتصال والتعاون والعمليات المشتركة،بمعنى أنها تفهمت أموراً لا تحتاج الى ان تكون غير مفهومة وتوسعنا في هذا المجال وهذا هو الفرق بينها وبين الاتفاقية العربية. وقد تم توقيع الاتفاقية ورفعناها كوزراء داخلية للمصادقة عليها ليبدأ تنفيذها وتفعيلها، وطلبنا ألاّ يزيد ذلك عن شهر. أما بالنسبة للاتفاقية العربية فكانت قد تشكلت لها لجنة في ذلك الوقت من خمسة وزراء داخلية ومثلهم وزراء عدل وكان اليمن فيها، وكانت مهمة هذه اللجنة تفعيل الاتفاقية وبالفعل اجتمعنا هنا في جدة حينها ووضعنا خطة للتفعيل وكنا على ثقة تماماً بأنه إذا لم يعمل الإعلام مع الأمن فقد لا يكون هناك توعية، ومن اجل ذلك سعينا بكل السبل لأن نستمر في أعمالنا واجتمعنا العام الماضي وتحديداً في شهر يناير بتونس وتوصلنا الى محضر اتفاق لكنه لم ينفذ ولم يفعل.
* الى أي حد أثَّرت الأحداث التي شهدتها المملكة خلال الفترة الماضية على العلاقات السعودية - الأمريكية وهل فعلاً أدت الى اهتزاز هذه العلاقات التي كانت متميزة؟
- هناك علاقة خاصة بين الدولتين وعلاقة في النطاق العربي، وبالنسبة للعلاقة الخاصة فهي تعتبر علاقة مصالح، وهي تسير وفق المصالح المشتركة بالتساوي بمعنى أننا لا نقدم شيئاً لأمريكا بدون مقابل، وهي علاقة دولة بدولة.
أما التعاون في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب فهناك تعاون بين الجهات المختصة في تبادل المعلومات والخبرات.
وفي مجال علاقة الصداقة بين القيادة السعودية والإدارة الأمريكية فهي ايضاً تسير بشكل جيد، لكن وبدون شك فإن المواقف الأمريكية وبالذات موقف الرئيس الأمريكي جورج بوش الأخير عندما استقبل شارون قد أزعج السعودية وكان رأيها واضحاً تجاهه وأعلن مجلس الوزراء موقفه بكل وضوح، وكنتيجة لذلك فقد بدأت السلطات الأمريكية تتعامل مع السعودية أو أنها استحدثت إجراءات في جانب الحصول على تأشيرات الدخول أكثر من اللازم، بحيث اصبح المواطن السعودي الآن ينتظر لمدة شهرين حتى يحصل على التأشيرة سواء كان ذاهباً للدراسة او العلاج او العمل وبعد أن يجيب على قائمة أسئلة طويلة ويعبئ استمارات... الخ.
ونحن نعتبر أن هذا التعامل غير حضاري، وربما لا نمانع في حرص السلطات الأمريكية على أمنها وحقها في أن تقوم بتفتيش المسافرين ولكن اذا كانوا قد ألصقوا تهمة الإرهاب بسعوديين فهل معنى ذلك أن كل السعوديين أصبحوا مجرمين لدرجة أن يتعرضوا لهذه الأساليب في التفتيش الذي يصل حد الإذلال تحت شعار القانون الاستثنائي، فأين احترام الانسان وأين حقوق الإنسان وأين حقوقه؟.
صحيح أن كل دولة حرة في تصرفاتها وفي تشديد الرقابة الأمنية على بلدها، إنما بهذا الأسلوب غير الحضاري فلا نرى لذلك ما يبرره، ليس هذا فحسب، بل قد أصبح الرأسمال السعودي مشبوهاً بالنسبة لأمريكا وبدأت صورة السعوديين تتشوه أمام الشعب الأمريكي بعد ان جعلتهم الإدارة والسلطات الأمريكية وكأنهم مجرمون وقتلة متوحشون وهكذا.
* هل تواجه الحكومة السعودية ضغطاً أمريكياً خاصاً فيما يتعلق بقضية ما تطرحه من إصلاحات ومشاريع وغيره؟
- الرفض السعودي لمثل هذه المشاريع أعلن على المستوى الرسمي، وعندما زارنا وزير الخارجية الأمريكي كولن باول مؤخراً لم يتطرق لنقطة واحدة في مباحثاته مع صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله حول هذا الموضوع، وقال: انه بحث ذلك مع صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية لكن الأمير سعود نفى ذلك أمام باول.
فالموقف السعودي واضح جداً، ونحن لا نقبل بأي حالٍ من الأحوال التدخل في شؤوننا الداخلية او نقبل بشيء اسمه ضغوط، فنحن علاقتنا واضحة وتعاملنا واضح مع الجميع وهي علاقات تقوم على المصالح المشتركة.
* في الأخير، إذ أشكر سموكم على رحابة صدركم وصراحتكم أود أن اسمع منكم ما يمكن أن تقولوه بمناسبة احتفال الشعب اليمني بعد أيام بالعيد الوطني الرابع عشر للجمهورية اليمنية.. وكيف تنظرون الى هذا الإنجاز اليمني - القومي في زمن الانكسار والتشتت؟
- بدون شك فإن إنجاز وحدة اليمن نعتبره إنجازاً عربياً كبيراً.
|