Thursday 13th May,200411550العددالخميس 24 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

« الجزيرة » تعرض تحليلاً إخبارياً « الجزيرة » تعرض تحليلاً إخبارياً
شارون يعيش زمن الارتباك والتخبط..

* فلسطين المحتلة- بلال أبو دقة:
في الوقت الذي قرر قادة الائتلاف في الحكومة الإسرائيلية، في ختام جلسة عقدت يوم الاثنين الماضي، الموافق 10- 5- 2004 معارضة مشروع قانون حل الكنيست وتقديم موعد الانتخابات، الذي تقدمت به أحزاب المعارضة في إسرائيل، يواصل رئيس الحكومة الإسرائيلي، أريئيل شارون، ( زعيم حزب الليكود ) تخبطه السياسي، فيغازل تارة أحزاب اليمين، ويلغي تارة أخرى لقاء كان متوقعا مع الأحزاب العلمانية ، ويستلطف في لقاء آخر وزراء في حزبه ( حزب الليكود )، ويعادي آخرين، كون موقفهم لا يتناغم مع موقفه بالنسبة لخطة فك الارتباط أحادي الجانب، الذي رفضه بالأغلبية حزب الليكود في استفتاء أجري قبل أكثر من أسبوع..
وخرج شارون يقول للجميع: سأطرح على طاولة الحكومة خطة بديلة بعد ثلاثة أسابيع، إلا أن وزير ماليته، بنيامين نتنياهو، الذي يعتبر منافسه الأول على كرسي حزب الليكود وعلى كرسي الحكومة في آن واحد قال معقبا على تصريحاته: إن الخطة السياسية ليست جوارب يتم استبدالها كل يوم أو يومين..
وتعرض هنا (الجزيرة) لقرائها تحليلا إخباريا يكشف النقاب عن مدى تخبط شارون وارتباكه داخل حزبه ( الليكود ) ومع وزراء حكومته من الأحزاب الأخرى يمينيين متطرفين وعلمانيين، وصولا إلى قراره الأخير بإلغاء زيارته إلى واشنطن..
لقد ألغى شارون، اجتماعه المقرر مع أعضاء الكنيست من حزب (شينوي الإسرائيلي العلماني) الشريك الأكبر في ائتلاف حكومته، دون ذكر أسباب ذلك..
وكان من المقرر أن يجتمع شارون مع نواب (شينوي) مساء الأحد الماضي، الموافق 9- 5- 2004 لمناقشة المسار السياسي، لكن شارون أجل اللقاء لمدة أسبوعين..
صحيفة معاريف العبرية في عددها الصادر يوم الأحد الماضي، أشارت إلى جلسة الحكومة الإسرائيلية التي بحثت خطة فك الارتباط بناء على طلب حزب (شينوي)، ولفتت الصحيفة إلى تهديد يوسف لبيد رئيس حزب شينوي، الذي يشغل وزير القضاء في حكومة شارون: بأنه لن يتمكن من البقاء في الحكومة من دون وجود أفق سياسي، وقوله: انه من غير الممكن أن تبحث كافة الهيئات السياسية في إسرائيل بفك الارتباط باستثناء الحكومة.. في إشارة إلى استفتاء حزب الليكود بخصوص خطة فك الارتباط..
وكان يوسف لبيد، وزير القضاء الإسرائيلي، الذي يرفض دخول أحزاب اليمين إلى تشكيلة حكومة شارون، أعرب عن خيبة أمله من نتائج الاستفتاء، قائلا: انه لا يعقل أن يقرر الليكود لوحده في مصير إسرائيل وبالتالي في خطة فك الارتباط..
وفي رد على سؤال إذا ما سيقرر حزبه الانسحاب من الحكومة قال لبيد: إن (شينوي) سيحسم في الوقت القريب من اتخاذ قرار بخصوص استمرار الشراكة مع الليكود في الحكومة. وأضافت الصحيفة العبرية، في تقريرها: انه فيما يقيد حزب شينوي رئيس الحكومة من جهة اليسار، سيضطر شارون إلى مواجهة وزراء الليكود المعارضين للخطة في الأيام القريبة المقبلة، وخصوصا وزير المالية بنيامين نتنياهو الذي اخذ في الأيام الأخيرة يعلن انه يتوجب التصرف وفق قرار الليكود الذي ظهر من خلال الاستفتاء، بعد أن أعلن قبل الاستفتاء تأييده لفك الارتباط..
* الخطة السياسية ليست جوارب يتم استبدالها..
وفي الوقت الذي ألغى فيه شارون لقاءه مع وزير القضاء الإسرائيلي، يوسف ليبد ( رئيس حزب شينوي العلماني التقى شارون في يوم الأحد ذاته، بوزير المالية، بنيامين نتنياهو ( من الليكود )..
وقالت مصادر في ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية لصحيفة يديعوت أحرونوت العبرية: إنه لم يتم توجيه انتقادات ل نتنياهو على خلفية الادعاءات القائلة إنه لم يبذل الجهد الكافي لمنع الهزيمة التي مني بها شارون في استفتاء حزب الليكود بخصوص خطة فك الارتباط..
ونقلت الصحيفة العبرية عن مصادر إسرائيلية قولها: أن نتنياهو عرض على رئيس الحكومة خطة انفصال مقلصة، تشمل إخلاء مستوطنات نائية فقط في الضفة الغربية وفي قطاع غزة، وبموجب التقديرات، فإن نتنياهو عارض إجراء إخلاء واسع لقطاع غزة في إطار عملية تسوية، ويبدو أنه اقترح إخلاء كل من مستوطنتي (غَنيم) و (كَديم) في الضفة الغربية، ومستوطنتي (كفار دَروم) و(نتساريم) في قطاع غزة.
وفي سياق متصل، قال شارون خلال جلسة الحكومة يوم الأحد الماضي: انه سيعمل على طرح خطة جديدة خلال ثلاثة أسابيع..
وكان شارون، قال مؤخراً لحاشية المستوطنين اليهود في قطاع غزة: إن ضغوطاً دولية تمارس على إسرائيل لسحب قواتها من قطاع غزة، وإن قرار الانسحاب يجب أن يتخذ لأن قطاع غزة سيخلى في نهاية المطاف.. مؤكدا أنه يجب الاستمرار في خطة الانفصال لتتحسن الأوضاع في أماكن أخرى.. مضيفاً: يجب اتخاذ قرار صعب..
* أي اتفاق آخر كان يشمل إخلاء قطاع غزة..
وفي تعقيبه على هذا التصريح قال وزير المالية الإسرائيلي، نتنياهو: الخطة السياسية ليست جوارب يتم استبدالها كل يوم أو يومين. .
وسيلتقي شارون، بكل من وزير المواصلات اليميني المتطرف، أفيغدور ليبرمان، الذي يعد أحد أبرز المعارضين لخطته بالانسحاب من غزة، وبالوزير في وزارة المالية، مئير شيطريت. وفي سياق متصل، نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية عن مصادر يمينية إسرائيلية قولها: إن الوزير الليكودي عوزي لنداو، المعارض لخطة شارون بشدة ، يدرس إمكانية عرض خطة سياسية بديلة، يتوقع أن تمثل مواقف اليمين الإسرائيلي الذي يعارض خطة شارون الحالية.. وكان شارون قد اتهم الوزير لنداو، مؤخرًا، بأنه ليست لديه خطة سياسية تخرج إسرائيل من المأزق السياسي والأمني مع الفلسطينيين.
إلى ذلك كان شارون قد التقى مؤخرا بأعضاء كنيست من حزب ( يهدوت هتوراة الديني اليميني المتطرف )، قائلا، خلال الاجتماع: انه يعمل حاليا على إعداد خطة جديدة، ولكنه - أضاف يقول - مهما جاءت جيدة لإسرائيل لن تكون بمقدار خطة فك الارتباط التي رفضها منتسبو حزب الليكود.. ونقلت مصادر مقربة من شارون أن الأخير حاول خلال اللقاء استمالة القادة المتدينين لجانبه مبديا اعتذاره على توقف اللقاءات بينهما خلال السنوات الأخيرة..
ونقلت المصادر الإسرائيلية عن أعضاء يهدوت هتوراة اعتقادهم أن شارون يحاول إعادة الأجواء الحميمية مع ممثلي الكتلة والوسط المتدين اليهودي استعدادا لطرح الخطة السياسية الجديدة التي ستشمل على الأرجح تغييرات في تركيبة الائتلاف الحكومي الحالي..
وفي هذا السياق، يقول مراقبون إسرائيليون: يبدو أن التطورات السياسية التي مر بها رئيس الحكومة الإسرائيلية، أريئيل شارون، ( فشله في الاستفتاء حول خطة فك الارتباط )، جعلته يشعر بالندم حيال علاقاته مع الوسط اليهودي المتدين في إسرائيل..ليعرب لهم عن أسفه عدة مرات على القطيعة التي نشأت بينه وبين الوسط المتدين..
* زمن الارتباك يعتبر تعبيراً دبلوماسياً شديد اللطافة بالنسبة للفضيحة المربكة التي يواجهها، بوش وشارون..
وفي هذا السياق كتب المحلل السياسي الإسرائيلي في صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، ( ياعيل غفيرتس )، في العمود الرئيسي للصحيفة العبرية مقالا بعنوان ( زمن الارتباك )، قال فيه: هناك مصطلح متعارف عليه في اللغة الدبلوماسية يسمى (nonpaper)، أي (ورقة تفاهمات غير رسمية)..
وبروح هذا المصطلح يمكن تسمية بيان أريئيل شارون بشأن إلغاء سفره إلى الولايات المتحدة الأميركية ب (nonmeeting) (نون ميتينج)، ما يعني توصل بوش وشارون إلى شبه اتفاق جنتلماني، يوضح أنهما سيربحان معاً نتيجة إلغاء اللقاء المقرر بينهما..
في (زمن الارتباك)، حسب ما عبر عنه بشكل جيد، اللواء غيورا آيلاند، تكمن أهمية اللقاء الحالي بالنسبة للزعيمين في عدم انعقاده. وكان رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، اللواء غيورا آيلاند، قال مؤخرا: لا يعرف أي أحد كيف سيتم تنفيذ خطة فك الارتباط..
لا أعرف كيف يمكن التقدم في العملية السياسية..
وأضاف آيلاند، يقول: أنا أعلم أن رئيس الحكومة، أريئيل شارون يسعى لتنفيذ الخطة، لكنني لا أعلم ما هو الحدث السياسي الذي سيسمح له بالتقدم نحو تطبيق الخطة..
نحن ما زلنا نعيش في حيرة وارتباك..
وإذا لم ننجح بتمرير الخطة، فسنضطر للتفكير بمبادرة أخرى..
وجاء في مقال الكاتب الإسرائيلي في الصحيفة العبرية: يصعب تصديق كيف تشوش كل شيء بالنسبة لشارون وبوش خلال أسابيع معدودة، فقط. من موعد كانا بأمس الحاجة إليه إلى وضع يحتاجان فيه، في الأساس، إلى عدم الظهور معاً..
فما الذي كان سيقوله أحدهما للآخر، لو أنهما التقيا الآن، في خضم الفوضى التي يواجهها كل في بيته..
هل ما يحتاجه بوش، الآن، وهو يتعرض إلى نيران الهجوم الإعلامي، هو صورة مع الزعيم الذي وعده بالعجائب والمعجزات لكنه مُني بهزيمة محرقة في استفتاء حزبه.. ؟
وكيف سيشرح شارون، أصلاً، للرئيس n الذي دخل في صراع مع العالم العربي كله بسبب رسالة الضمانات التي منحها له وفضيحة التنكيل بالأسرى العراقيين n أنه وعده حقاً بجبال وتلال، لكنه لا يرى إلا ظلال الجبال منذ فشلة في الليكود.. ؟ ما الذي يجعله يتكبد عناء السفر إلى واشنطن لالتقاط صورة مع الرئيس المحاصر بالمشاكل في خضم معركة انتخابية.. ؟
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، أريئيل شارون، قال الأحد الماضي، الموافق 9- 5- 2004: انه قرر إلغاء زيارته للولايات المتحدة الأمريكية، التي كانت مقررة بعد أسبوعين، وتتضمن بالإضافة إلى المشاركة في أعمال الجالية اليهودية (ايباك) المقرر عقده في السابع عشر من أيار- مايو الجاري، الاجتماع إلى الرئيس الأميركي، جورج بوش.. وذلك وفي ضوء فشله في الاستفتاء، لأنه لا فائدة من إجراء لقاء آخر مع الرئيس الأميركي في ظل الظروف الحالية..
* المعارضة الإسرائيلية تشبه ( الأميرة النائمة )..
وتابع الكاتب الإسرائيلي في مقاله، يقول: ( زمن الارتباك ) يعتبر تعبيراً دبلوماسياً شديد اللطافة بالنسبة للفضيحة المربكة التي يواجهها، اليوم، زعيمان عرفا في تاريخهما انتصارات كبيرة..
زعيمان كانا يتمتعان، إلى ما قبل أسابيع قليلة، فقط، بالكثير من الشعبية والثقة بالنفس، وظهرا كما لو كانا يقفان معاً على عتبة قولبة جدول الأعمال الدولي، لكنهما وجدا نفسيهما، فجأة، يتحركان كبطتين عرجاوين، تكمن المساعدة الوحيدة التي يمكنهما اقتراحها، في هذه اللحظة، في الامتناع عن الظهور معًا في لقاء علني.
ويواصل الكاتب الإسرائيلي في مقاله: يضرب الارتباك الحكومة والكنيست، أيضاً.. فالهزيمة داخل حزب الليكود قلبت قصعة الحكومة التي انحرفت بقوة نحو اليمين، فيما أصبح شارون وشركاؤه، ( نائبه n أولمرت )، ووزير أمنه n موفاز )، ووزير القضاء - لبيد )، بمثابة قلة..
لقد انتخب الشعب شارون لرئاسة الحكومة، بفضل الوعود التي قطعها له قبل الانتخابات، لكن شارون يفتقد، اليوم، المقدرة السياسية على تمرير وعوده تلك في الحكومة والكنيست.. ويضيف الكاتب في المقال المطول الذي تعرض الجزيرة أهم ما جاء فيه: معسكر شارون السياسي يقف ضده، أما المعارضة ( حزب العمل ) فتشبه ( الأميرة النائمة )..


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved