عندما يستوعب الكاتب او الاديب بيئته ومجتمعه وعصره ويعرف كل الابعاد التي تكوِّن تاريخه، تكون بالتالي ثقافته عن هذا المجتمع وتلك البيئة ثقافة موسوعية يتجاوز فيها حدوده المحلية الضيقة لينطلق في مفاهيمه وكتاباته الى مستويات عالمية، فتتدفق الكتابات والمواضيع غنية بالابداع والوطنية والسمو، لقد تابعت خلال الثلاثة عقود الماضية ما كتبه او بمعنى أصح ما أبدعه كاتبنا واديبنا «فهد العريفي» ابو عبدالعزيز من رحيق عسلي نفسي عبَّر خلاله عن هموم وطنه، جميع كتاباته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية اتسمت بالبساطة وسرعة ايصال المعلومة للقارئ بدون الدخول في عوالم غريبة عجيبة ليُقال عنه كاتب «أدونيسي» عميق المعاني والمفردات وهو والحق يقال يحلق بك وبمفرداته الى عوالم من الواقعية البسيطة الموحية ويدفعك الى الشعور معه بأبعاد ما يطرحه من قضايا اجتماعية ملحة.
الأديب الكبير
وعلى مدى العقود الماضية طرح كاتبنا واديبنا الكبير.. الكبير في المعنى والمقدار والشأن والكبير في العطاء وانكار الذات وايثار الآخرين.. الكبير في ابداعه ومشاعره الوطنية والقومية.. لقد تتالت عليه عقود زمنية جعلته اكثر وعيا والتصاقا بمجتمعه، شهد فيها مزيجا متنوعا من الاحداث المحلية والعربية والاسلامية والعالمية فكتب عنها واشار الى بعضها وأبدى رأيه الشجاع في الكثير من سلبياتها واكد خلالها ابوعبدالعزيز قدراته ومواهبه ككاتب ومبدع وقدرته الجيدة والمتفوقة على التعامل مع مختلف المفاهيم والقضايا والاحداث راصدا بحب تاريخ بلادنا وامتنا العربية والاسلامية ببساطة وشفافية يكتب في زوايته الشهيرة باليمامة «في بعض الدوائر ومراكز الخدمات العامة».
شبل صغير
الموكل اليها خدمة المواطن تجد «عينات» عجيبة من بعض الموظفين ومن بعض رؤسائهم يتربعون على كراسيهم يقرأون صحيفة ويتحدثون عن «الفرق» ويرتشفون من أقداح الشاي وكأنهم في مقهى عام حين تدخل تقطَّب الجباه وتخرس الألسنة وتزور العيون وكأنك قادم الي «دارهم»... الخ ويكتب عن المقاطعة الضرورية قائلا: شبل صغير في التاسعة من عمره يتصل باخواله من جده هاتفيا «عساكم قاطعتم البضائع الامريكية مثلنا؟» فيرد عليه أصغرهم: «مثل ماذا؟» فيقول: «مثل المياه الغازية... الخ».
بساطة ووطنية
هكذا هو يكتب حبيبنا ابو عبدالعزيز ببساطة ووطنية ينقل لنا بصدق الاحداث والصور الاجتماعية السلبية التي تشهدها حياتنا اليومية، يعطي الاحساس الكامل والمرهف بمكونات الواقع حتى يبدو لنا وكأنه عايش هموم كل مواطن وسبرَ غور معاناته في هذه الحياة، وكم موضوع تقرأه لاديبنا ابى عبدالعزيز وتقول بينك وبين نفسك «كأنه يكتب مافي نفسي» انه يغوص في اعماقنا باحثا عن الصور والمواضيع والموحيات ليجسدها فيما بعد مقالات لاأجمل وكتابات لا اروع، وتلك هي الميزة التي تجعل من هذا الكاتب او ذاك كاتبا مختلفا.
المنطق والاسلوب
امتاز اديبنا في اسلوبه الكتابي بالبساطة.. وعدم الغلو في استخدام المفردات «الغلجة» كما يقول اهلنا في الخليج، كلمات بسيطة جعلته قريبا من قلوبنا وفهمنا ويقول الفيلسوف والناقد «لا كان»:« ان الاسلوب هو الكاتب» وهذا يعني ببساطة ان الانسان يمتاز قبل كل شيء بمنطقه واسلوبه وهذا الكلام ينسحب على حبيبنا ابى عبدالعزيز.. الكاتب والإنسان.. المواطن الغيور.. الحساس.. البسيط.. والحازم بحب.. والمفكر.. هو وحدة متدفقة تنساب كمياه غدير بين اودية الوطن ناشرة الحب والحياة.. كالماء هو عذب زلال ورجل نادر بين الرجال.. ابو عبدالعزيز يستحق العديد من الدراسات والابحاث عن كتاباته التي أبدعها طوال العقود الماضية.. لااشارة متواضعة يكتبها هذا او ذاك.. ومع هذا الكثير ونأمل ان يحظى ابو عبدالعزيز باهتمام اكبر.. اهتمام يتناسب مع عطائه وحبه لارضه ووطنه.
|