** ((معذرة فأنا لا أستطيع أن أقوم..!)).
كانت هذه العبارة التي تشي بالعجز والحسرة والألم هي التي كان يسمعها زائرو الراحل العزيز الغالي أ. فهد العريفي وهم يعودونه عندما كان خلال الفترة ما بين (سرير المرض بالمستشفى) و(كرسي الألم في دارته) رحمه الله.
كان يقولها متألماً شجياً؛ فقد تعود منه زواره - كرماً منه وحباً- أن يُشيعهم عند باب منزله الذي كان مفتوحاً للناس كما هو قلبه ومشاعره رحمه الله.
(فهد العريفي) إنسان نادر بخلائقه!.
لم أره -طوال علاقتي به- متألماً على حق شخصي فاته، أو مطمع دنيوي لم ينله!.
كان شغله شجون أمته العربية، وكان همه وطنه، وكان شأنه كله الشأن العام لمجتمعه، وكان حفياً بقضايا أهله وعشيرته الأقربين بحايل العزيزة لمعرفته بها.
* * *
** لا أزال أذكره -ذكره الله فيمن عنده، وضيَّفه رحمته- عندما رافقته في رحلة إلى المنطقة الشرقية لحضور جائزة الأمير محمد بن فهد العلمية، وظللت معه ليلة كاملة، وكان كل حديثه الذي كادت فيه عبراته أن تمتزج بعباراته ما آلت إليه (أمة العرب) وهو الذي عايش أحداثها، ووعى تاريخها، وتلظى على أوار أشجانها رحمه الله.
* * *
** وعن المواقف الإنسانية ماذا أدع، وعن ماذا أتحدث، وقد قُدِّر لي أن أعايشه في مواقف كثيرة تخص نساءً ورجالاً، وكم كان -رحمه الله- يرقص الفرح بين وديان قلبه عندما يقدره الله على مساعدة إنسان، وكم كان يحزن قلبه -الذي أتبعه كثيراً- عندما يجد نفسه عاجزاً لا يستطيع أن يعمل شيئاً، أو يمارس شهامة!.
لقد كان -رحمه الله- إنساناً استثنائياً في عطفه وعاطفته، عطفه على المحتاج، وعاطفته نحو البائس الفقير.
* * *
** وكان مع كل هذا وذاك يحل روحاً طيبة نقية، وكان إلى جانب كتاباته وبحوثه النثرية شاعراً (نبطياً)، وكان يخفي هذا الجانب الجميل في مسيرة عطائه، ولعله كان يخفف من آلامه عندما يقول شعراً، أو يكتب شعراً، وهذا الجانب الشعري يجسِّد شيئاً من روحه الرقيقة، ومشاعره الدافئة، وأنشر له هذه الأبيات وأنا أرثيه؛ لتكشف الجانب اللطيف في عطائه وتعامله، وكان قد بعث إليَّ هذه الأبيات قبل عدة سنوات بخط يده:
نضحك ونبكي والدموع غزار
والقلب ينزف من مضاريبه
(يا بوبدر) هذا الزمن غدار
الله يجنبنا مقاليبه
الله يحمينا من الأشرار
والله يجنبنا مصاويبه
* * *
** ترى!
هل كان أحباؤه يرثونه -قبل رحيله- في الفترة الماضية عندما تحدث أحباؤه في (الجزيرة الثقافية) عندما أفردت ملحقاً خاصاً عنه في لمسة وفاء جميلة؟!.
لا أدري هل كنا نرثيه أو نرثي أنفسنا بقرب رحيل أحد هذه الأقمار الدنيوية التي تنثر أضواء النقاء والكرم والخير.
فهد العريفي:
أيها الراحل من (حدود محبتنا) إلى (فضاءات الرحمة)، لك الرحمة والدعاء، وإلى الملتقى في دار البقاء.
|