جاء الملك عبدالعزيز هبة من الله لأرضه، فجمع الشمل ووحد الأمة، وانتشر الفكر الذي من سماته أن هذا الوطن للكل، وان هذه الأمة هي جسد واحد، لا يمكن ان يجيء من يفرقها شيعا وان الهدف لها هو الوحدة تحت (لا إله إلا الله محمد رسول الله) واستمرت مسيرة التوحيد.
ومثلما وهب الله الملك رمزا للأمة، فقد وهبه الله الإخوان جندا مخلصا، وفاتحين تحت قيادته فقد كان بعيد المدارك ومستقرئا جيدا للعواقب، فلما أراد الله أن يكون هناك خلاف بين القائد و(بعض) جنده من الإخوان، إذ وقفت الفئتان اللتان كانتا جسدا واحدا قبال بعضهما، ولا نريد ان نغوص في التاريخ ونقول سؤالا مضنيا وهو: من الذي نفث في روع الاخوان الخروج على طاعة ولي أمر بايعوه عن رضا منهم ودون إكراه؟ ولا نريد أن نقول: من وراء وقوف الإخوان ذلك الموقف المضاد للأكثرية من جند الملك؟ لأننا نعرف ذلك جيدا عن طريق أحداث تلك الأيام، فما الاخوان سوى مقلدين لمن يتولون افتاءهم والصلاة بهم وشرح أمور دينهم، لكن الذي يهمنا هو، ما موقف الملك حينما رأى جنده يفترقون إلى قسمين، قسم معه وهم الاكثر وقسم تجاهه وهم أيضاً كثر، لقد كان موقف الملك موقف المحنك الذي يريد أن يحافظ على جهد بذله وتعب عاش لحظاته في سبيل توحيد وطن وأمة كبيرة، فقد حاول في أول الأمر ألاّ تكون هناك مواجهة بين جند أحبهم وأحبوه، لكنه لما لم يجد طريقا للصلح والتلاحم إلا الوقفة القوية فقد وقفها، نعم، لقد ضحى بالكثير لكي ينعم الأكثر بالطمأنينة والتلاحم والوحدة التي لن تأتي عن طريق تفاوض أو تراخٍ، وكانت موقعة السبلة هي الحد الفاصل بين العبث بأمن الأمة واستقرارها، وبين ان تجتمع الأمة الواحدة، وبالرغم من أن الملك كان (كما نقل لنا) يكره الخوض في أعراض الإخوان المعارضين، إلا ان موقفه موقف المضطر والحكيم والواعي لنتائج الأمور تماماً، وها هي نتائج حكمته وحنكته رحمه الله تجعلنا جيل اليوم نعيش الرخاء والتلاحم والوطن الواحد الموحد، ومن هنا فسوف يقف جيل اليوم أمام كل من يحاول ان يبث فكراً أو يعمل عملاً ليس في صالح الامة الواحدة، وكما نعلم علم اليقين أن هناك نعمتين مجحودتين وهما الصحة في الأبدان والأمن في الأوطان، لذا فالكل مسؤول أمام الله أولا وأمام ضميره وأمته لكي يكون محبا لهذه الأرض وهذا الشعب، وقبل ذلك لولاة الأمر الذين (يعلم الله) لم نجد منهم إلا كل خير ومحبة لأبناء شعبهم، فالله الله في محاربة كل فكر أو عمل يحاول ان يزعزع أية ركيزة من ركائز حياتنا المتماسكة، مهما كان اللباس الذي يلبسه أولئك، والله المستعان.
فاكس 2372911
|