قبل عامين اندهش العالم للحركة التي تزعمها الشباب الاندونيسي المسلم ضد النشاط الشيوعي في بلاده حتى استطاع أن يعصف بزعامة سوكارنو الذي تذيل للشيوعية، وليس لان شباب اندونيسيا ينقصه الوعي لخطر الشيوعية حتى يثير اعجاب العالم غير ان مثار الاعجاب أن معظم الشباب في العالم غير مبالٍ بل ينساق عادة إلى كل جديد مهما كان مغلفاً بمظهر خادع وقد ينطوى على اضرار تنجلي بالمستقبل عن نتائج تتعارض مع المثل العليا في الدين والاخلاق.
والكثيرون يتهمون الشباب المعاصر بعدم اليقظة لخطر المبادىء الهدامة، وكان الكل يعتبر أن مبادرة شباب إندونيسيا وإصرارهم على تقويض الشيوعية في بلادهم ظاهرة نادرة قد لا يتكرر مثلها في أي جيل معاصر غير أن الثورة المضادة في السودان هي الاخرى جددت الاعتقاد بأن بذور الخير في بلاد العروبة لازالت تعطي الجيد من المحصول فقد كنا نظن أن روسيا قد تمكنت من احكام الضغط على أنفاس الشعب السوداني بسبب الروابط السياسية واعانات التسليح وغيرها مما تكون عادة سبباً في اذلال الشعوب واخضاع السلطات لما يملي عليها من توجيهات أو ما يفرض عليها من قادة، وكانت مصر قد أعلنت صراحة أو ضمناً تأييدها للثورة في السودان واستعدت في نطاق ميثاق دول الاتحاد أن تسهم في (فرم) الشيوعية المحلية سواء بالسودان أو في أية دولة أخرى من دول الاتحاد كليبيا وسوريا، غير ان السيد حسنين هيكل بصراحة الجمعة الماضية ابدى أن مصر حاولت جادة وقف تنفيذ أحكام الاعدام في بعض اقطاب الحزب الشيوعي السوداني ولكن سيادة النميري الذي ابدى استعداده في تلبية أي طلب أو وساطة من مصر لن يتأخر في إجابة طلب له، إلا أن سلطات تنفيذ أحكام اعدام الشيوعيين لم تعط فرصة يتخللها تفاهم أو بحث مواضيع الوساطة.
والظاهر أن روسيا بعد أن خذلت طلباتها في تخفيف أحكام الاعدام على أعضاء الحزب الشيوعي السوداني اضطرت أن تقحم الآخرين في طلبات فات أوان الاجابة عليها.
والواقع الذي اقترن بأحداث السودان يعد امتداداً لما حدث في اندونيسيا وهو نبذ كل ما يتعارض مع الاديان السماوية وخاصة الشيوعية، وبعزيمة من شباب الجيل المعاصر مهما امتدت جذور العقيدة الملحدة في بلد من البلدان عن غفلة أو مهادنة مؤقتة، فقد كانت ولا تزال شريعة الله وعقيدة السماء راسخة في أعماق النفوس رافضة في اصرار اي عقيدة مستوردة مبعثها تشريع الحادي وسننها إراقة الدماء واستباحة الحرمات واغتصاب الاموال.
ولسوف يكون لهذه الاحداث الاخيرة في شرقنا العربي المسلم اثر في الاعتقاد العالمي بأن منطقتنا مؤهلة للصمود أمام التيارت المسمومة.
وقريباً تشهد البلاد العربية الأخرى التي تمالي الالحاد انتفاضات مماثلة مهما طال أمد المبادىء التي يُراد فرضها رغم الاصرار على رفضها في صمت أو في شبه اذلال.
|