في الوقت الذي استعدت فيه الولايات المتحدة لإعلان عقوباتها ضد سوريا تحت مزاعم مساعدة الإرهاب, كان الإرهابي الحقيقي أرييل شارون مستغرقاً في متابعة دباباته وهي تنشر الرعب والقتل في أحد أحياء مدينة غزة في عملية إرهابية جديدة.
وتلخص الواقعتان -معاقبة سوريا والاعتداءات الإسرائيلية- كيف يتم التعامل من قبل القوة العظمى الوحيدة في العالم مع واحدة من اعقد مشاكل العالم واكثرها قابلية للانفجار, فالمشكلة الفلسطينية مسؤولة عن عدة حروب كبرى وهي تهدد بالمزيد، ومع ذلك نرى تصرفات تتسم بعدم المسؤولية من قبل قوة عظمى تجاه المشكلة.
ولا يستطيع الرئيس الأمريكي أن يكبح جماح عداوته الشديدة لكل ما هو غير إسرائيلي في الشرق الأوسط كما أنه لا يقدر على كتمان هذا الود القوي لإسرائيل، حتى وان كان عليه ان يبدو متوازناً في اظهار عواطفه باعتبار انه يلعب دور الوسيط في المشكلة القائمة بين الجانبين.
وهكذا فإن إسرائيل المعتدية بصفة يومية على الفلسطينيين والمغتصبة لأراضيهم واراضي العرب تجد كل التعاطف والمساعدات من قبل الولايات المتحدة بينما تفرض العقوبات على سوريا ضحية الاعتداءات الإسرائيلية والتي تحتل إسرائيل أرضها في الجولان.
التوغل الإسرائيلي أمس في حي الزيتونة بغزة والذي استشهد فيه عدد من الفلسطينيين بينما أصيب العشرات بجروح ودمرت فيه العديد من المنازل يأتي في سياق نهج منتظم للعدوان تحت غطاء أمريكي، إذ اعتادت الولايات المتحدة على وصف هذه الاعتداءات بأنها اجراءات إسرائيلية لحماية نفسها.
ومن الصعب على الولايات المتحدة ان تحتفظ بصورة الوسيط النزيه, فهذه الصفة فقدت مقوماتها في فلسطين، كما ان الفظائع التي يرتكبها جنود واشنطن في العراق أتت على كل أثر لتلك الصورة إلا اذا كان علينا ان نفهم النزاهة على أنها مرادفة للانحياز لمجرم ثبتت إدانته.
|