يوما بعد يوم يكتشف العالم كله بمختلف ملله وطوائفه، وأديانه أن الدين الإسلامي.. هو الدين الذي يدعو إلى الفضائل ويكرم مكارم الأخلاق، ويصون كرامة الإنسان، ويجعله على علاقة مباشرة بقوة غيبية، متمثّلة في قوة الحق سبحانه وتعالى، وهو الدين الذي كلما مرّ عليه الزمن تفتقت عن عقيدته السمحة جواهر الشؤون الإنسانية، ومبادئ المتغيرات الاجتماعية، ومكارم الأخلاق السوية.
أقول هذا بالرغم من الحملة الهمجية التي يتعرض لها الإسلام والمسلمون على يد الحاقدين في الخارج والمارقين من الداخل، فالذين يهاجمون المنهجية الإسلامية من الغرب ليسوا أقل حظاً من الذين يعملون على ضرب هذه المنهجية في الداخل، ليعكسوا صورة مشوهة لمنهج عظيم.. فتفجيرات الرياض وينبع، والتمثيل بالأجانب في الفلوجة ليست أقل إجراماً بحقنا وحق شريعتنا من أولئك الذين يواصلون الليل والنهار وهم ينعقون على المنابر الإعلامية ليصوروا أن الإسلام والمسلمين مصدر للإرهاب العالمي.
إن الوصايا التي كان يتسلح بها الجيش الإسلامي في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم وما تبعه من عصور حتى يومنا هذا، تلك الوصايا كانت تسبق إلى أذهان الجند حتى قبل أن يسبق السلاح إلى أكتافهم.
لم يرو لنا التاريخ كله أن خطبة نبي أو خليفة في جيشه وهو يوصي جنده تبدأ ب(لا تقطعوا شجرة.. ولا تقتلوا شيخاً ولا امرأة.. ولا طفلاً أو كهلاً...) مثل هذه التربية الجهادية الطيبة لا تكون إلا عند المسلمين وفي دينهم.
فمتى سيعي المتحاملون على هذا النهج السوي أنهم يتجنون كثيراً، ويتضادون مع قناعاتهم، ويتسابقون وراء أهوائهم وأطماعهم الرخيصة، ومن لا يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم دفع بصبية المسلمين إلى الأسرى الكفار من قريش ليعلموهم، وليكون هذا التعليم فدية لهم من الأسْر؟
نعم منذ قرن ونصف القرن تقريباً كان للأسرى حقهم وأسلوب إنساني في التعامل معهم، وكان ذلك أيام الإبل والزوادة والصحاري القاحلة.. أما في عصر (ناسا) و(الإنترنت) والتبجح الحضاري، فإنه يصبح الأسير دمية لمن يرغب في التسلية، وقناعاً لمن يعاني من الفراغ و(عادة) لمن تربى ونشأ على الشذوذ، وصيداً سهلاً لمن تسلح بالديمقراطية الغريرة، وتجربة غريبة لمن رؤوا أن عروقهم تختلف عن عروق أسرى سجن (أبو غريب)!!.
كلنا يذكر الهجمة الشرسة المغرضة التي تعرّضت لها المملكة حين شبّ حريق (قضاء وقدر) في سجن الحائر، وكلنا يذكر أن هؤلاء المتحاملين لم يجدوا ما يبررون به حقدهم إلا وصف الحكومة السعودية بالإهمال وعدم مراعاة حقوق الإنسان.!
ما الذي يمكن قوله عن هؤلاء الآن؟؟ وما الذي يمكن قوله لهم؟ هؤلاء الذين حملوا من أزقتهم سادية قبيحة، ومن سلوكهم نماذج حقيرة، ومن أخلاقهم صوراً كريهة.. هؤلاء الذين (سروا) إلينا يحملون - في ادعاءاتهم - الديمقراطية، فإذ هم يحلون بيننا - لصوصاً إنسانية - يسرقون منا كل شيء نبيل ذي كرامة، ويزرعون أرضنا وأوقاتنا بذوراً (غريبة) عنا.. كانت بدايتها من (أبو غريب)... .
|