Wednesday 12th May,200411549العددالاربعاء 23 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مستعجل مستعجل
نحتاج إلى صفعة..!!
عبد الرحمن بن سعد السماري

** الذي يزور المستشفيات.. تهون عليه الدنيا.. ويشعر.. كم هي تافهة..
** أما الذي يتبع جنازة إلى المقبرة ويجلس هناك ولو نصف ساعة.. فإن الدنيا لا تساوي عنده أي شيء..
** عندما فُتحت مقابر النسيم بهذه المساحة المهولة.. قلنا (الله المستعان) متى تمتلئ.. أمامها.. قرن أو أكثر.. لنتفاجأ أنها اليوم.. على وشك أن تمتلئ.. وأن الأموات يتقاطرون لها.. وأن مسجدين في الرياض فقط (عتيقة - الراجحي) يسلمان للمقرة يومياً.. ما لا يقل عن خمسين جثة.. أي خمسين قبراً..
** وعندما تتصفح الصحف.. وتقرأ خبر الوفيات.. تجد قائمة طويلة ودّعوا الدنيا يوم أمس فقط.. ماتوا من دون سابق إنذار.. حتى المريض بالضغط والقلب والشرايين وسائر الأمراض.. أمامه آمال طويلة عريضة.. ويعارك في هذه الدنيا.. ولا يشعر بقرب أجله.. مع أن المسألة بين الموت والحياة.. بسيطة جداً.. وهذا المريض.. مهيأ أكثر من غيره لموت مفاجئ.. والأعمار بيد الله وحده.. وهو المتصرف وحده
** أعود وأقول.. إذا زرت غرف التنويم في المستشفيات وغرف العناية المركزة فيها.. أدركت أن هذه الحياة.. لا تساوي شيئاً.
** هذا مريض لا يعرف شيئاً حوله.. في غيبوبة تامة.. والأجهزة في فمه وأنفه وصدره وفي كل مكان.. واللَّيات مثبتة في جسمه في أكثر من مكان.. وهو مستسلم لا يدري.. ماذا يدور حوله.. وكان قبل ذلك.. له أمل طويل في هذه الدنيا.. طولاً وعرضاً.. حتى انه يعارك في الريال الواحد..
** وهكذا كل المرضى.. بل إن بعضهم يمكث في المستشفى سنوات.. مُلقى على السرير.. لا يقدر على الحراك.. بل ربما لا يدري ما حوله.. وبعضهم.. يعاني من أكثر من موقع في جسمه.. وبعضهم.. يعي ويدرك.. لكن جسمه مهشم.. أو يعاني من مرض صعب للغاية وليس في وسعه ترك المستشفى.
** الدنيا تلك.. بزخارفها وزينتها وأموالها.. تزيد وتنقص في أنفسنا مع العوامل الأخرى.
** إذا زرنا المقبرة أو المستشفى.. أو سمعنا خبراً سيئاً (رجفت) الدنيا..
** وإذا سمعنا صفقات بيع وشراء وأموال وسياحة وتمشية وسعة صدر.. ارتفعت أسهم الدنيا في نفوسنا.
** الدنيا بالفعل.. هي جميلة.. لكن مشكلتها.. أنها مؤقتة.. ونحن.. ننسى أحياناً.. أنها مؤقتة.. وأنها مزرعة للآخرة.. وأن الحياة الآخرة.. هي دار المقر.. وأننا.. يجب ألا نغفل ذلك.
** لكننا.. ننسى.. ونغفل كثيراً.. ونحتاج من يُذكرنا على الدوام بذلك..
** إنني هنا.. لا أدعو إلى هجر الدنيا ومخاصمتها ونسيان السعي فيها وإعمارها والعمل والبذل من أجل الارتزاق وكسب المعاش.. لكنني أقول.. إننا في حاجة دوماً.. إلى صفعة تيقظ فينا.. تلك الغفلة.. وهذه الصفعة.. فوق أنها تذكرنا الآخرة.. فهي توقظ لدى الإنسان.. الضمير والرقيب الداخلي.. وتجعله.. أكثر صدقاً.. وأكثر نزاهةً.. وأكثر حذراً.. وأكثر قرباً من الله.. وأكثر مراقبةً لكل تصرفاته..
** ليتنا.. نستيقظ.. قبل ألا نستيقظ.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved