تواجه مسألة تعليم المرأة في مجتمعاتنا العربية مأزقاً حاداً يتمثل في مرحلة الانتقال من مرحلة البناء الثقافي العام إلى مرحلة المشاركة الفاعلة في إنتاج المعرفة وصوغها في زمن تسارعت فيه خطى التفاعل المعرفي مع جميع المجتمعات لتفرز تفاعلات جديدة ولما كان ... لكل تفاعل قيم صحيحة حتى ينتج معادلة صحيحة موزونة فإن هذا الأمر يتطلب الكثير من الرؤية والتأني في النظر إلى تعليم المرأة في مجتمعاتنا المعاصرة التي ما عادت تجد صعوبة في التعرض إلى المعلومة سواء أكانت صحيحة أو مغلوطة إلى الممارسة سواء أكانت خاطئة أم صائبة وهذا يضعنا في محك حقيقي أمام تجربة تعليم بناتنا أمهات المستقبل راعيات جيل الغد فالثقافة المعاصرة ثقافة منفتحه ليس برغبة منها أو رغبة من أحد بل لأن قدرة أي بلد أو مجتمع على الانغلاق قد شلتها وسائل انتقال المعرفة والمعلومات والأفكار وهكذا فإن فرضية الثقافة المحلية تفقد الكثير من مصداقيتها ولذا كان لابد من امتلاك الوسائل العصرية اللازمة لتحقيق بناءات ثقافة محلية تستطيع الاستفادة من الوافد الجيد وتتحلى بالقدرة على هضمه والاستفادة من خلاصته وفي نفس الوقت القدرة على رفض ما هو سيء أو ما يتنافى مع عاداتنا وأعرافنا وقيمنا دون إعلان الحرب العلنية على أشباح مجهولة.
وثمة ملاحظة جديرة بالذكر أن التغير في العادات والأنماط الشخصية أصبح سريعاً لدرجة كبيرة وفي السابق كنا نحتاج إلى خمسين أو أربعين سنة حتى تظهر بوادر هذه الاختلافات بين الأجيال ولكن اختلاف طرائق الأبناء عن الآباء والأجداد والتغير الذي يطرأ على عاداتهم وثقافاتهم الاجتماعية أخذ يحتاج إلى وقت أقصر فأقصر حتى أننا نشهد هذا التغير خلال خمس أو عشر سنوات على الأقل فيما بين الابن الأكبر والابن الأصغر في العائلة نفسها في التوجه والعادات والأذواق وأمور كثيرة، هذه النظرة قادتنا لاستشراف ما يمكن أن يحدث من تسطيح لوعي المرأة وما يمكن أن ينجم عن ذلك من تسطيح لوعي المجتمع كله لذا آلينا على أنفسنا أن نسهم ولو بجهد المقل في النهوض بدور المرأة في المجتمع ومساعدتها في لعب دورها الفاعل والخلاق سواء داخل بيتها أو في مكان عملها وبالأخص في بيتها لأن البيت هو اللبنة الأساسية لبناء المجتمع ومن دون بيوت وربات بيوت يرتكزن على أسس علمية وتربوية سليمة لن تقوم مجتمعات سليمة أبداً.
لذا فقد قمنا بتأسيس مركز للحاسب الآلي واللغة الإنجليزية بمحافظة الزلفي التي تشهد زيادة ملحوظة في أعداد السكان وفي أعداد الشريحة المستهدفة بهذا المركز وقد كانت الانطلاقة في عام 1421هـ ببرامج رأينا أنها ستمثل الخطوة الأولى في نجاح مسيرة المركز ولكن طموحنا لم يقف عند حد فقد توسع المركز حتى أصبح منارة من منارات تعليم المرأة في محافظاتنا وراعينا فيه أن يكون التأثيث جيداً والمعينات متوفرة حتى نسهم في خلق بيئة تعليمية مناسبة ولعل هذا الحديث سيقودنا عن دور الرواد في مجتمعاتنا في توطين مفاهيم جديدة للعمل العام والعمل الخيري ويتمثل ذلك في تبنيهم لأفكار ورؤى جديدة ودعمها من خلال تخصيص جوائز وخلافه وبما أن هذه الأمور رمزية ولكنها تعني الكثير فالأمر ليس مجرد جائزة والسلام ولكنه التفاتة جادة نحو أمور عظيمة ودوافع كبيرة وما جائزة الفالح للتفوق العلمي إلا دليل وعي ذلك الرجل بمتطلبات زمانه ومكانه.
نسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناتهم ومن هنا نناشد نحن في المركز الأول النسائي للحاسب الآلي واللغة الإنجليزية كل صاحب فكر مستنير بأن يقدم ما في وسعه لتوصيل فكرته ونناشد رجال العمل العام بتخصيص جائزة للإبداع النسوي في شتى المجالات العلمية سواء كانت الدينية أو الاجتماعية أو التكنولوجية ونحن في المركز مستعدون لتبني هذه الفكرة والعمل على إنزالها إلى أرض الواقع.
ندي بن ناصر أبو راسين
مديرة المركز الأول النسائي بالنيابة |