* القاهرة - مكتب الجزيرة - محمد العجمي - صابر حمد:
أكد رجال البنوك أن نسب التعثر في مصر من أقل المستويات العالمية وأن البنوك مستمرة في عمليات الإقراض لمشروعات التنمية إضافة إلى دورها المهم في معالجة عمليات التعثر والتسوية للعملاء الجادين , وشددوا على قوة وسلامة الجهاز المصرفي وأن السياسات الإصلاحية الحالية تتم من الجذور وليست من خلال المسكنات وذلك بأساليب علمية عالمية للارتقاء إلى المستويات العالمية .
جاء ذلك في ندوة البنوك والإعلام والرأي العام التي نظمتها كلية الإعلام بجامعة القاهرة والتي استعرضت دراسة حول الصورة الذهنية للبنوك في الصحافة المصرية لدى الرأي العام المصري ، كشفت نتائج دراسة حول صورة البنوك في الصحف والصورة الذهنية للبنوك لدى الرأي العام والتي شارك فيها 13 باحثاً وشملت عينة من 900 شخص وكانت السمات السلبية في صورة البنوك هي أن 77 % يعتقدون أن الفساد في البنوك من أهم أسباب الأزمة الاقتصادية وأن 48% يعتقدون أن الفساد منتشر في كل البنوك في مصر و 81% يعتقدون أن العلاقات الشخصية هي التي تسهل الحصول على قروض من البنوك , أما السمات الإيجابية في صورة البنوك فكانت أن نسبة 75 % يعتقدون أن خطأ بعض البنوك لايعني أن كلها مخطئة وأن نسبة 69% مطمئنون على ودائعهم ونسبة كبيرة تؤكد أن القيادات الجديدة تحاول إصلاح الصورة.
أكد حسين عبدالعزيز رئيس البنك الأهلي المصري أن هناك حالة من التفاؤل مع حلول عام 2004 بعد المعاناة التي مرت بها السوق طوال السنوات الأربع الماضية وهذا يظهر من خلال استقرار سعر الصرف بعد تذبذبه وزيادة التدفقات النقدية من الخارج من خلال تحويلات المصريين , مؤكداً أن الفترة الأخيرة شهدت رغبة شديدة من العاملين بالخارج عن التنازل عن الدولار خاصة بعد التراجع الذي شهده في السوق غير الرسمية .
ويأمل مع بداية الانتعاش هذا العام في أن يزيد معدل النمو إلى 5 % أو أكثر ، وأشار إلى الدور القومي الذي تقوم به البنوك في خدمة أغراض التنمية موضحاً أن إجمالي الودائع بالبنك الأهلي ارتفع إلى 100 مليار جنيه , مما يعكس الثقة التي تحظى بها البنوك المصرية والخبرات المؤهلة لتوظيف هذه الأموال .
وأكد أن القطاع المصرفي يمول الخزانة العامة بأكثر من 20 مليار جنيه من خلال استثمارات مباشرة , كما بلغ إجمالي القروض التي قدمها لكافة القطاعات الاقتصادية 65 مليار جنيه استأثر القطاع الخاص على نسبة 40% منها , بينما يستحوذ القطاع الصناعي على نسبة 60% من إجمالي القروض.
وأشار حسين عبدالعزيز إلى أن البنك يعمل حالياً على تلبية احتياجات السوق وإعادة هيكلة شاملة حيث تم ولأول مرة سياسة للائتمان تجمع فيها خبرات محلية وعالمية , كما يطبق البنك حالياً المتابعة اللصيقة للعميل حتى لا يحدث انحراف , وأشار إلى أن تنويع الأوعية الادخارية أسهم في استمرار الدولار بالبنوك وحقق ذلك 400 مليون دولار خلال أربعة أشهر .
وطالب بإنشاء شركة تسويق قوية لترويج منتجات المشاريع الصناعية التي لاتجد فرصاً جيدة للترويج والتسويق وأوصى رئيس البنك الأهلي بأن يكون هناك تدعيم لقنوات الاتصال بين البنوك وأجهزة الإعلام والتنسيق بينهما لتصحيح الصورة الذهنية الخاطئة التي أرستها بعض وسائل الإعلام كما أوصى بعقد دورات تدريبية لتبادل المعارف ودعا أيضاً إلى إنشاء قناة اقتصادية متخصصة خاصة للمساهمة في نشر الأخبار.
وأضاف أحمد البردعي رئيس اتحاد بنوك مصر ورئيس بنك القاهرة أن النظرة السلبية للبنوك وحالات التعثر ظهرت في السنوات الأربع الماضية وهي ظاهرة صحية لأن البنوك بدأت تطبق المعايير البنكية المتعارف عليها عالميا ً, مشيراً إلى أنه مع بدء الحركة التصحيحية بالبنوك وبدء تطبيق المعايير المحاسبية والبنكية بدأت تظهر حالات التعثر وهذه الحالات ليست ظاهرة عامة ويجري حالياً التسوية مع المتعثرين الجادين وهناك نحو 50 حالة تسوية تتم شهرياً ببنك القاهرة وأن البنك يقف بجانب المتعثر الجاد الذي لم يستخدم القروض بغرض التربح وصاحب المشروع القادر على الاستمرار والنجاح .
وأشار إلى أن القانون لا يعطي البنوك الحق في إحالة المتعثرين إلى الجنايات وإنما القانون الجديد اشترط موافقة البنك المركزي على بدء إجراءات التحقيق ضد المتعثرين , وأن مصلحة البنوك ليست في تحريك دعاوٍ ضد المتعثرين وإنما من خلال التفاوض المبني على الشفافية مع العملاء حول أوجه انفاق القروض .
وقال طارق عامر نائب محافظ البنك المركزي إنه في الفترة الماضية واجه الجهاز المصرفي ظروفاً جديدة أدت إلى الاشتباكات التي حدثت وظهرت تحديات مثل العولمة وانفتاح الأسواق ولم يكن هناك استعداد كافٍ لها , لذلك يقوم البنك المركزي حالياً بعمل سياسات إصلاحية من الجذور وبعيدة عن المسكنات باستخدام أساليب علمية وخبرات عالمية للارتقاء إلى المستوى العالمي والقدرة على المنافسة .
وأكد أن الفترة الماضية شهدت انشغال البنوك بإعادة الهيكلة والتطوير من خلال قيادات لديها خبرات كبيرة موضحاً أن البنوك لم ترفض أي فرصٍ ائتمانية جيدة , لأن دورها هو تعليم السوق وقيادة المؤسسات والشركات إلى الاتجاه السليم حتى لا يحدث أي إهدار لرؤوس الأموال .
بالإضافة إلى أن الإجراءات التي يأخذها البنك المركزي لايمكن تقويمها والحكم عليها في وقت قصير لأنها إجراءات مبنية على استراتيجيات طويلة , وأن ما حدث في سعر الصرف أمر متوقع ويحدث في جميع البلاد التي تتجه إلى تعويم عملتها .
وشدد على أن الديون المتعثرة في مصر أقل بكثير عن دول مثل أوروبا الشرقية وأن الاقتصاد المصري متين بشهادة بعثة صندوق النقد الدولي التي زارت مصر منذ شهرين ، مؤكداً أن الحساب الجاري حقق فائضاً خلال العام الماضي بلغ 1.9 مليار دولار وعند المقارنة بدول مثل المكسيك فإن الحساب الجاري بها مسجل عجزاً لمدة 10 سنوات أما تايلاند فحقق الحساب الجاري بها عجزاً لمدة 14 سنة .
وأشار إلى أن موارد مصر من النقد الأجنبي ثابتة ومتنوعة منها السياحة والغاز وقناة السويس , والتصدير السلعي زاد العام الماضي بنسبة 33%, أما صادرات البترول فقد ارتفعت بمقدار 500 مليون دولار خلال الربعين الأخيرين من العام الماضي.
وأكد طارق عامر أن مصر لديها غطاء للاحتياطي أكثر من إيطاليا، فالاحتياطي يغطي واردات مصر 11 شهرا ً, أما إيطاليا يغطيها ما بين 3 و 4 أشهر .
وأشار إلى أن البنك المركزي يقوم حالياً بإعادة هيكلة إدارات الرقابة على البنوك من خلال التعاون مع خبرات ومؤسسات دولية .
ويشير فتحي السباعي رئيس بنك التعمير والإسكان إلى أن نتائج البحث لم تكن مفاجئة بالنسبة له وأن الصورة السلبية عن البنوك لدى الرأي العام كان سببها الحملات التي تمت في الفترة الأخيرة وانشغال المواطنين بقضايا البنوك , مؤكداً أن كثرة الحديث حول مشاكل البنوك تضر بالبنوك والسوق ككل , وأشار إلى أن هناك تحديثاً في جميع البنوك , وأن هناك اهتماماً كبيراً بتدريب الكفاءات للارتقاء بمستوى البنوك .
وأكد محمود عبدالعزيز رئيس البنك الأهلي الأسبق ورئيس اتحاد البنوك الأسبق على ضرورة توافر المصداقية والبيانات لتحسين المناخ الاقتصادي , موضحاً أن مصر من أغنى شعوب المنطقة ، وأن البنوك هي قلب الاقتصاد وقامت بدور عظيم في الفترة الماضية وإن الفساد في مصر مبالغ فيه .
|