يعيش في طوكيو أستاذ غريب المظهر لطيف المعشر يسمى (آبي) ولا يزال كل صباح يمضي إلى سوق السمك ويجري أبحاثه العلمية في هذه السوق منذ 23 سنة إلى اليوم!
فإذا دقت الساعة السادسة صباحا قام الأستاذ الطويل القامة النحيل البدن، صاحب النظارات المرتكبة على أنف طويل، وتوجه إلى سوق السمك الرئيسية في طوكيو، وهي أضخم سوق للأسماك في العالم.
ولا يكاد ينتهي إلى وسط السوق حتى يقف ويسجل في دفتر صغير أسماء أجناس الأسماك الجديدة التي تستلفت نظره وانتباهه، ثم يصف أشكال الأسماك وخصائصها بمنتهى الدقة.
ومن اكتشافاته على هذا المنوال الطريف، بعض الأجناس التي كان العلم يظن أنها قد انقرضت! مثال ذلك سمكة تسمى (الفونسينو) اشتقاقا من اسم ملك كان على عرش البرتغال منذ مئة سنة خلت.
ثم سمكة ذات لحية طويلة لو رآها ابن الرومي لقال فيها ما قاله في لحية البحتري!
ولما رآها هذا العالم الياباني لأول مرة في السنة الماضية أخذته بهجة ورعشة ووقف شاخصا إليها في السوق اليابانية كأنه وجد كنزا مفقودا.. فهي تنتمي أيضا إلى جنس منقرض منذ زمان طويل في نظر العلماء ولذلك راح يطرح ألف سؤال على الصيادين لكي يعرف في أي المناطق اصطادوها.
ولكنهم ظلوا متلكئين مترددين خوفا من (المنافسة)، فإن هذا السمك يباع بأثمان باهظة ويعتبر من الأنواع الفخيمة على موائد الأغنياء في طوكيو.
ومن اكتشافاته أيضا سمكة (مدرعة) كان قد وصفها سنة 1849م ضابط يسمى (سميث) ولم يكن أحد يعرف عنها شيئا سوى هذا الوصف النظري.
وقد أصبحت منذ سنة 1957م مندرجة في قائمة أجناس السمك في الكتب العلمية، والفضل في ذلك لهذا الأستاذ الياباني وأسلوبه الطريف في البحث.
| 
