Tuesday 11th May,200411548العددالثلاثاء 22 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أضواء أضواء
إسرائيل تعطي دروساً في الأخلاق لأمريكا
جاسر عبدالعزيز الجاسر

كالعادة، لابد أن تدس إسرائيل أنفها في كل قضية يمكن أن تستفيد منها حتى وإن أدى ذلك إلى الإساءة إلى أقرب الأصدقاء والحلفاء.
السقوط الأخلاقي الأمريكي في سجن أبوغريب، قضية جديدة تستثمرها إسرائيل لتظهر للعالم أنها - أي إسرائيل - أكثر أخلاقاً .. وأفضل إنسانية من ربيبتها أمريكا.
يقول الكاتب الصهيوني عوفر شيلح في صحيفة يديعوت في زاويته اليومية أمس الأول الأحد إن قضية أبو غريب دليل على أننا نتصرف في مستوى أعلى من أخلاق أمريكا في تعاملها مع الفلسطينيين.
ويقول عوفر شيلح لو أُجيز للإسرائيليين ما يُجيز الأمريكيون لأنفسهم لهبّ العالم وأمريكا في مقدمته ضدنا.
ويخلص الكاتب الصهيوني متشفياً بالحلفاء الأصدقاء جداً - الأمريكيين - ويقول: ليس الدرس من الورطة العراقية انه يجوز للكبار مالا يجوز للصغار، لكن الحرب التي تفقد تسويغها والقوات التي تفقد أخلاقياتها غايتها الفشل. دونالد رامسفيلد، وهو وجه عجرفة القوة الأمريكية يتعلم هذا الدرس في هذه الأيام، هذا الدرس هو جزء من الدروس التي يحسن بإسرائيل أن تتعلمها من التجربة الأمريكية في الحرب على العراق وخاصة في قضية التنكيل بالأسرى.
قبل سنة فقط كان دونالد رامسفيلد النجم الذي لا يتزحزح للقوة العسكرية الأمريكية فبسمته الدقيقة المتكبرة، والطريقة الحازمة التي بيّن فيها ما يحدث في العراق، وفي الأساس قدرة القوة العصرية والمحكمة، التي صاغها بالرغم من المعارضة والمخاوف لقسم من قادة الجيش أنفسهم، جعلته - كما تقول صحيفة (نيويورك تايمز) - (أقرب الأشياء في إدارة بوش من نجم روك).
هذا الاقتباس ليس من مقالة تقدير لرامسفيلد، ولكنه من المقالة الافتتاحية في نهاية الأسبوع التي دعت رامسفيلد إلى أن يذهب.. السبب هو بالطبع قضية التنكيل بالأسرى في العراق، التي تأخذ أبعادها الحقيقية في التكشّف، ولكن الأساس هو أنه كما في كل حرب، حججها مشكوك فيها، وتسويغها غامض، منذ اللحظة التي يبدأ فيها الأمر بالفساد، فإن أحداً عليه أن يدفع الثمن.
إلى هنا كانت أمريكا مستعدة لأن تغمض عينيها.. لقد تجاهلت العدد المروّع من الخسائر المدنية في العراق، وقبل ذلك في أفغانستان، التي أُصيب فيها في القتال مواطنون في الأساس وأصبح مئات الآلاف لاجئين.. الصور من الفلوجة، لدخول القوات الأمريكية إلى محلة مزدحمة تحت غطاء نيران ثقيلة من مروحيات حربية، نُظر إليها على أنها ضرورة لازمة للحرب، ولكن الكشف عن الكذب الموجه، والخداع الذاتي وشبكات المصالح التي جرّت إلى الحرب في العراق تزعزع الاستعداد للاستمرار فيها, كلما نظر إلى الحرب أكثر فأكثر انها حرب عبثية، فلن يكون من الممكن بعد تسويغ تصرف القوى بأنها تدافع عن البيت.
كثير من أولئك الذين أيدوا بوش ورامسفيلد في خروجهما للحرب يشعرون اليوم بأن عليهم أن يدفعوا ثمن أفعالهم وتقصيراتهم، التنكيلات بالأسرى، مثل قضية صبرا وشاتيلا (يجب التفريق بالكثير من الفروق، أكثرها لغير صالح الامريكيين)، هي كُلاب فقط للتعلق به، سواء فقد رامسفيلد منصبه أم لا، فإن القضية تُقرّب اليوم الذي تضيق فيه الولايات المتحدة ذرعاً بالوضع في العراق وتخرج من هناك مذعورة، وهو إجراء قد تكون له نتائج صعبة على إسرائيل.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved