عرفت البشرية في رحلتها الطويلة ومسيرتها أناساً حفروا أسماءهم في ذاكرتها، ونقشوا على حجر عمارتها الإنسانية تجربةً، ظلت أنموذجاً يُحتذى به، وخلدوا في سجلها أحرفاً متوهجة متلألئة من نور، ذلك لأنهم تفردوا في أعمالهم لمبادئ وقيم قلما تتكرر نسخها فهي نسيج وحدها.
أسوق هذه المقدمة المتواضعة لأتطوع مرغماً على الحديث عن عَلَمٍ أراه دائماً متقداً، مشتعلاً ومتوهجاً.. له من المآثر ما يعجز عنها الآخرون.. له من المبادئ ما يجعل المرء يحار كيف شكل فسيفساءها بهذا التناغم والتجانس.. له من الرؤى ما تجعله سيد التجربة ومحرك أدواتها بعناية تنم عن فهم وإدراك هو الوحيد القادر على ضبط كيمياء تفاعلها.
ذلكم هو صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد بن عبدالعزيز الرئيس العام لرعاية الشباب، ولا أود الخوض كثيراً في تعداد إنجازاته الرياضية التي يعجز قلمي عنها فهي شاهدة وحدها تتحدث عنه أجدها عصية على الحصر لأنها من الشمول بمكان.
وإنما أود إضاءة زوايا أخرى في مسيرته الناصعة البياض تلك المسيرة التي ستظل مسجلة بأحرف من نور في حبر الذاكرة الإنسانية رقماً يصعب تجاوزه يقدم خلالها كيف يكون العطاء الإنساني ثراً ومميزاً.
فسيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد واحد من رجالات الإنسانية في هذا الوطن أقول هذا ليس مجاملةً وإنما عن معرفة لصيقة وترقب عن كثب.
لقد وجدته دائماً يداً طولى تُعطي بلا من ولا أذى يقدم في صمت كل ما يبدو على الآخرين عصياً.
فكم أعان وأعاد البهجة لدواخل نفوس صدأت بفعل ظروف الحياة الصعبة ومشقاتها فما أن أعرض عليه موضوعاً إنسانياً إلا ويبادر بحله، يعرف كيف يغوص فيه ويحله ولا يهدأ له بال وترتاح دواخل وجدانه إلا إذا تيقن تماماً أنه وبقدرة الله أمكنه من إعادة البسمة لقلب أو قلوب، يقدم بيمنه ما لا تعلمه يسراه لا ينتظر إشادة من أحد ولا شكر من آخر إنما يرجو ثوابه عند الله ويبتغي بعمله وجهه الكريم وهكذا التزم سموه بنهج مثالي في أعمال الخير لا يعلم به إلا المقربون الذين يعملون معه هم يدركون مقدار الحجم الهائل المتدفق يومياً عن أعمال لا حصر لها فهو يستجيب للقاصي والداني بلا تردد ورغم كثرة مشاغله يتابع إنجاز العمل الإنساني حتى ولو أنه مترئس وفداً لبلاده خارج حدود الوطن.
ورغم أن معرفتي بسموه طويلة ولقاءاتي به كثيرة إلا أن شخصيته لم تتغير ولم تتبدل فهي تأسر جليسه وهذا ما يحس به كل من التقى به ويخرج بهذا الانطباع فقد استجمعت به صفات الرجولة وتكاملت فيها معانيها الجميلة فنجد في شخصيته نبلاً منقطع النظير وأدباً متناهي الحدود وأسلوباً مؤثراً وبليغاً في الحديث والنقاش والحوار يقل مثيله، وتعاملاً مع الآخرين يحكمه الاحترام والتقدير وهدوءاً ينم عن الاتزان والعقل يُزين كُلَّ هذا تواضعٌ جمٌ نابعٌ عن طهارة عنصر وكرم منبت فهل نستفيد من حياة هذا الشاب الأمير الذي قال عنه أحد اصدقائه وهو الأستاذ علي الجديعي عندما التقى به أكثر من مرة: ( إن الامير سلطان بن فهد حيث ما حلَّ وإينما وُجِدَ فالقلوب محبة له متعلقة به صادقة في ودها له تحس به أخاً تعرفه منذ أكثر من زمن له سلطان على القلوب وملكة على النفوس فهو يحلق في عالم من الأدب والتواضع والاحترام ربما يكون هذا العالم نادر الوجود إلا عندما نلقاه).
ولا أود أن أشير إلى حالات بعينها في هذه التجربة فقط أعرض عناوين عريضة كآفاق يحلق فيها هذا الإنسان يومياً فكم أضاء للآخرين قبساً مشوا على هديه ورزقوا بإذن الله من عمل خير قام به سموه وكم حرك مبضع الجراحين لجراحة أراحت شخصاً من مرض أثقل كاهله وسوَّد الدنيا في نظره بل إنه لا يتأخر كثيراً في دعم البحوث العلمية لكل الباحثين في المجالات الإنسانية والعلمية والثقافية.
كل هذا دون أن يعلم به أحد وكان صفة عمله السرية التامة..{وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ..}، لا أظن أنني وفيت هذا الصرح الشامخ حقه ولا أَعتقدُ بأنني أستطيعُ أن أتسلل إلى عالمه.. إنه الأمير سلطان بن فهد وكفى.
سيدي أرجو أن تعذرني وأنا أبوح بجزء من سيرتك الإنسانية العطرة لكني أردت أن أبين للآخرين جزءاً من حياتك التي اخترتها لنفسك من الإبداع بأعمالك الإنسانية الرفيعة فكنت رمزاً ماثلاً للخير، عذراً يا سيدي مرة أخرى فأنا لا أستطيع أن أروي قصصاً كثيرة ربما تكون نادرة الحدوث عن أعمالك الإنسانية لكنك جعلتها ممكنة بفلسفتك في أدائك للعمل الخيري نعم يا سيدي أي ثناء أبقى وأي لذة أكمل وأي مدح أجمل من بناء محبتك في قلوب مَنْ عرفوك ومَنْ تعاملوا معك.
مأمون السمان |