على هذه الصفحة (العزيزة) على قلوب الكثير من القراء طالعت ما سطره مؤخرا يراع الأخ: عصام حاج علي في العدد رقم 11536 بعنوان (لكل شخص مطرب أو أكثر) وذلك تعليقا منه على ما جاء في رسم كاريكاتيري للأخ: هاجد أوضح فيه صورة طفلين أحدهما يرضع من الثقافة والعلم في الدول الغربية والآخر يرضع من الفن والطرب في الدول العربية، وهذا في الحقيقة هو عين الصواب حيث أجاد الأخ هاجد كعادته في طرح مثل هذه الصورة التعبيرية الهادفة التي انتقد فيها التسابق الفضائي الحالي لافتتاح المزيد من القنوات الفضائية التي سبقها أيضا ظهور مجلات لهذا الغرض وأصبح يبرز فيها لنا على الساحة الفنية في كل يوم مطرب (نشاز) ينضم إلى قائمة الطرب التي ليست في حاجة أبدا إلى المزيد من النعيق والصراخ والرقص المبتذل على حساب ثوابت الأمة ومفاهيمها وقواعد أخلاقها التي كانت فيما مضى تحاول تربية أبنائها عليها.
أما في وقتنا الحالي فأعتقد أن الأمر قد أصبح الآن يشبه المستحيل وذلك في خضم ما تقذفه علينا هذه الفضائيات كل ساعة من سموم وغث وسمين تحت مسمى البرامج الترفيهية، حيث لم تركز الكثير منها على إنتاج البرامج الثقافية والعلمية ومناقشة الواقع العام وطرح القضايا المهمة ، وإنما أصبح هم الغالبية منها هو استنساخ برامج الغير من الفضائيات الغريبة حتى لو لم يكن صالحا لمشاهدينا، إلى درجة أضحت معها ثلاثة أرباع البرامج تركز كثيرا على كيفية إخراج مطرب أو راقصة تحت مسمى هذا الفن المنحط وذلك من خلال برامج السوبر ستار والأكاديميات الفاشلة وغيرها الكثير، فماذا استفاد منها شبابنا وبناتنا سوى متابعة لباس الفنان الفلاني وقصة شعره وحركاته الناعمة وابتسامته العريضة ؟ فتحول البعض منهم وللأسف إلى مقلد لما في هذه القنوات من ابتذال وإسفاف وخروج عن المألوف ، في الوقت الذي تركز فيه غالبية الأمم الأخرى على كيفية إعداد أبنائها للمستقل وتسليحهم بالعلم والمعرفة والثقافة من خلال كثير من البرامج التي تربطهم بمجتمعهم وبيئتهم المعاصرة.. أما نحن وفي وقتنا الحالي فإن حتى برنامج سوبر ستار أكاديمي لم يكن كمثال للبرنامج الهادف الذي يخدعنا باسمه والذي كنا ننتظر منه أن يكون أكاديمية حقيقة لإعداد شباب مثقف متعلم بدلا من أن يجمع عينة من الشباب والفتيات ثم يغلق عليهم الأبواب لشهور ليعلمهم طرق الرقص والاختلاط والغناء، هذه مجرد حقيقة واحدة مما أمطرتنا به كثير من القنوات الفضائية في هذه الأيام وليست الأخرى من زميلاتها عنها ببعيد والتي أشبعت المشاهدين بالكثير الذي يسمى بالفيديو كليبات وحفلات الطرب والغناء واللقاءات الفنية مع الفنانين والفنانات في وقت أهملت فيه ولو تقديم خمس دقائق للتعريف بجهود العالم الفلاني أو الأديب والكاتب فلان ! هذا جزء قليل من المخالفات الجائرة التي يركبها أمثال هؤلاء بحق مجتمعاتهم التي لن نجني ثمارها الآن وإنما ستظهر لنا توابعها وآثارها شيئا فشيئا مع مرور الأيام وغدا سيكون لناظره قريب .. فهل نلحق أنفسنا ونحاول البحث عن الحلول المناسبة لتلك السموم التي تبثها فضائياتنا تحت مسمى الفن والذي يطغى عليه وبكل أسى شعار العرب رغم أن خلاصته لا تمت أبدا للعروبة والإسلام بصلة.
محمد بن راكد العنزي
|