ما نسميه مجازاً تستراً، تواجهنا آلاف المحلات في كل مكان في أسواقنا، تحمل أسماء سعوديين، يديرها أجانب، وفي كل آخر شهر يقدم كل شاغل محل شيئاً معلوماً لصاحب الترخيص إيجارة اسمه، ويبيعون السلع بأقل مما يبيعه السعودي، لأن التزاماتهم محدودة، والسعودي الذي يريد أن يجمع ما يتزوج به ويفتح منزلاً، أو الذي عنده أسرة، فإن قروش الربح الضيق المحدود, لا يحقق له حياة كريمة، والأجانب المنافسون أقوى منه!!.
* وآلاف الورش المنتشرة في البلاد بطولها وعرضها، التي تصلح السيارات والآلات من مكيفات وثلاجات وغسالات وأجهزة تلفزة وراديو وتسجيلات وكهرباء منازل ومحلات وسيارات.. كل تلك الورش تحمل أسماء سعوديين، يتقاضون أجوراً شهرية آلافاً مؤلفة من تأجير أسمائهم، وإخوانهم المواطنون لا يستطيعون الحياة وسط تلك المنافسة الشرسة!!.
* كم طالبنا، وكم رجونا أن يلزم أصحاب تلك الحوانيت والورش بأنواعها بالوقوف في محلاتهم بأنفسهم، لحل المشاكل بين العمالة الفنية والعملاء وللقضاء على التستر، غير أن ذلك لم يتحقق، لأنه من المستحيل أن يبقى صاحب عشر أو عشرين محلاً في وقت واحد فيها كلها، لذلك ضاعت صيحاتنا سدى، وبقي الحبل على الغارب كما يقال، ونحن اليوم نبارك توجه الدكتور القصيبي وزير العمل، ونتطلع إلى تصحيح تلك الأوضاع المختلفة، لينال المواطن حقه، وتعود ألوف العمالة التي لسنا في حاجة إليها، وهذا شيء حق لا يجادل فيه إلا من - يتمصلح - والرابح في هذه السوق السوداء!!.
* وقبل عامين، جاء إلى مكتبي شاب، يطلب عملاً، وسألته عن تعليمه، فقال إنه من ضمن ثلاثين شاباً تخرجوا في معاهد فنية من الباحة، فيهم ميكانيكي - الديزل -، والكهربائي، وتصليح السيارات، وأعمال أخرى عددها.. وحزنت حين قال لي إنه وزملاءه مضى عليهم عام في جدة، البلد العريض، فلم يجدوا عملاً، على حين أن الورش غاصة بالأجانب عاملين فيها ومديرين لها، وحين يقف على أبواب تلك الورش شبان سعوديون يريدون أعمالاً يؤدونها ويعيشون من كدهم، يقول لهم ليس المواطن صاحب الورشة، لأنه غائب، ولكن الأجير، أو مستأجر الاسم: لا يوجد عندنا لك عمل.
* والمتاجرة بالعمالة الألوف المؤلفة التي تسرح في شوارع بلادنا وأزقتها وأحياءها، يقدمون ثلث دخلهم أو مبالغ مقطوعة كل شهر إلى ولي أمرهم، الذي استقدمهم باسمه، ومن يتأخر في السداد فهو مهدد بالتسفير على حسابه الخاص، لذلك نجدهم ملتزمين.. وسمعت أجنبياً من شرق آسيا يقول لمواطن سعودي: استأجره ليركب في محله دواليب زواج، وشرع المواطن صاحب المحل يعلم مع المستأجر، فخاطبه: أنت سعودي، استرح وأنا أعمل كل شيء.. هذه سمعتنا الشائعة، إننا مخدومون لأننا استقدمنا من يؤدي عنّا ذلك، وكأننا عالة على العالم لا نؤدي شيئاً، ولا ننفع لشيء، على الأقل في رأيهم!!.
|