افتقدتك يا جدي، وإن في الفؤاد للوعة، وفي الروح لحسرة على فراقك، كلما تذكرت أنني لن أتمكن من رؤيتك مرة أخرى وتقبيل يدك الحانية، تفر مني دموع لا أكاد أخفيها، ولكن هذه سنة الحياة، لانقول إلا ما يرضي ربنا {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }.
رحلت يا نبع الحنان من هذه الدنيا الفانية إلى الآخرة الباقية أسأل الله عز وجل أن يتغمدك بواسع رحمته وغفرانه، لقد كنت يا جدي نموذجاً فريداً من نوعه بصفات أقول جازمة أنها قليلة في عصرنا الحاضر، وأخلاق تعود لعصر الصحابة رضوان الله عليهم، لقد كنت مدرسة يتعلم منها أبناؤك وأحفادك، وكل من خالط الدروس والعبر.
رحمك الله يا جدي الحبيب كنت تتمثل دائماً بحديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فتعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك، وتوصينا دائماً بذلك أعاننا الله على أن نسير دوماً على نهجك، وأن نقتبس من نبراسك، جزاك الله عنا يا جدي كل خير، وطيب ثراك، وجمعنا بك في جنات الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والغر المحجلين، إننا صابرون ومحتسبون - إن شاء الله - وستبقى ذكراك وسيرتك في عقولنا وقلوبنا يخلدها تاريخك النقي بأحرف من نور، وعزاؤنا هذا الكم الهائل من الأحباء والأصدقاء ممن عرفوك عن قرب، وآخرون سمعوا عن سيرتك العطرة.
أتوا من أنحاء البلاد معزين، أتوا من المدن والقرى والهجر، أتى يا جدي أحبابك من كل مكان، الكبير والصغير، العاجز والمريض رجالا ونساء أتوا إلينا معزين باكين يدعون لك، ويشيدون بسيرتك التي عمت أرجاء البلاد، فشكراً لله على هذا الخير كله، وشكراً بعد ذلك لكل من ذكر جدي ودعا له، فهذا بحق هو عزاؤنا بعد الله.
وجزاكم الله عن جدي وعنا أعظم الأجر والثواب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.
|