تفاعل الزميل إبراهيم الجابر أثناء تقديمه برنامج كل الرياضة يوم الخميس الماضي مع قرار الاتحاد الآسيوي بمعاقبة فريق القادسية الكويتي بكثير من المبالغة غير المقبولة، حيث كان يقرأ خبر العقوبات بصوت جنائزي متهدج ليختمه بعبارتي (إنا لله وإنا إليه راجعون) و(ولا حول ولا قوة إلا بالله) حتى خيل للمشاهد ان هناك كارثة محلية قد حلت لا قدر الله لتتكشف الحقيقة بأن الأمر مجرد عقوبات اصدرها الاتحاد الآسيوي ضد فريق القادسية الكويتي. وهي من وجهة نظر الكثيرين عقوبات مستحقة ومنطقية بالنظر إلى شناعة الأحداث المرتكبة في مباراة القادسية الكويتي والسد القطري والتي اقلها طرح لاعب قطري على أرض الملعب و(تمسيطه) بالعقال من قبل إداري كويتي، فضلاً عن حالات الركل والرفس واللكمات والضرب بكل أنواعه التي مورست في تلك المباراة لينقل للمستشفى ما لا يقل عن خمسة لاعبين قطريين بإصابات مختلفة، كان من ضمنهم تورينيو لاعب النصر السابق الذي أصيب بكسر في فكه.
إنني احترم كثيراً خبرة وكفاءة الزميل إبراهيم الجابر ومقدرته على تقويم الأمور لكني أشك كثيراً أن يكون قد اطلع على الأحداث التي صاحبت المباراة تلك، وإلا لم يستغرب العقوبات مهما كانت قاسية لأن الخطأ المرتكب شنيع جداً ويضرب المسابقات الآسيوية في الصميم. ومن الخطورة التساهل معه بعقوبات مخففة أو متهاودة.
وأنا لا أصادر حق الزميل إبراهيم في إبداء رأيه، لأن التعبير عن وجهة النظر والرأي مطلوب سواء كان (مع أو ضد)، ولكن المستغرب كان تلك المبالغة وحالة الحزن العميق التي انتابت الجابر وأظهرته كويتياً أكثر من الكويتيين، بل ان التلفزيون الكويتي عندما بث خبر العقوبات لم يعقبه بعبارتي (إنا لله وإنا إليه راجعون) و(ولا حول ولا قوة إلا بالله) .
كما وقع الجابر من وجهة نظري في خطأ جسيم آخر وهو محاولته عسف تفسير القرار ولوي عنقه من خلال القفز به من أن يكون عقوبة مستحقة على المخطئ إلى استهداف من الاتحاد الآسيوي للكرة الخليجية، كما فسره الجابر. وهذا تفسير صعب هضمه أو قبوله لعدة أسباب أهمها أن رئيس الاتحاد (خليجي), والفريق المعتدى عليه والتي انتصرت العقوبات له (خليجي) فكيف يكون القرار مؤامرة ضد الكرة الخليجية؟!!
والذي اريد ان اصل إليه في النهاية هو ان التلفزيون السعودي جهاز رسمي للدولة والآراء التي يطرحها مقدمو البرامج محسوبة على الجهاز قبل ان تكون محسوبة عليهم كمقدمين. وهناك اختلاف كبير بين ان تكون مقدم برامج في تلفزيون حكومي وبين ان تكون مقدم برامج في تلفزيون تجاري. فمن خلال التلفزيون الحكومي يتطلع المشاهد (المواطن) ان تكون الآراء التي تطرح فيه معبرة عن رأيه (أو هكذا يجب ان تكون) لذلك يجب ان يكون هذا التلفزيون قريباً من مشاعر وتطلعات مشاهديه (المواطنين)، أما التلفزيون التجاري فمهما شطح وابتعد عن التعبير عن مشاهدين في بلد ما فهو ربما يعبر عن مشاهدين في بلد آخر، وكلام مقدمي البرامج في هذا التلفزيون تعبر عن آرائهم وتوجهاتهم والتي تتوافق حتماً مع آراء مالكي هذه القنوات. وهم ليسوا ملزمين بالتعبير عن آراء ومشاعر فئات محددة من المشاهدين.
ويبقى الإعلامي المحترف هو ذلك القادر على تبيان الخيوط الرفيعة بين تلك الأمور ليستطيع إيصال رسالته الإعلامية جيداً.
|