Sunday 9th May,200411546العددالأحد 20 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

هذا العبث ليس من الجهاد في شيء!! هذا العبث ليس من الجهاد في شيء!!
د. محمد بن علي آل خريف

إن الكلمات تعجزعن التعبيرعمايختلج في النفس من آلام ومعاناة شديدةوقاسية بسبب هذا الوضع المأساوي الذي طاشت فيه عقول وذهلت فيه أفهام، فحادت عن الحق وانحرفت عن الطريق القويم فأخذت تستفرغ سماً زعافاً يغيظ المسلم ويفرح العدوالمتربص،ونحن في زمن وظرف ينبغي أن تلجم فيه أفواه السفهاء وتكبت فيه أصوات أهل الأهواء، حتى يسود صوت الحكمة التي لا تطيش عن صواب تستهدي بنور الشرع والعقل جاعلة نصب عينها مصلحة الوطن والأمة في المقام الأول، فلا يكون للشيطان مدخل ولا لأهل الدسائس الشريرة مجال لإشعال الفتنة فالمؤمنون إخوة مهما طاشت سهام جانحة وزاغت عقول غائبة فما تلبث بقول لين إلا أن ترعوي للحق وتتذكربنور البصيرة،ومن شذ بعد فلكل مقام مقال، وعليه فإني رغم هذه الأصوات الهادرة والاستنكارات المتتابعة التي لا ألومها إذا ما التزمت بالهدي النبوي فالخطب جلل والمصاب عظيم، سيكون حرفي مستكيناً وصوتي خافتاً رنيماً لأسمع مفهومه إلى المقصود لعله يصحو من غفوته ويعود إلى رشده ولا تأخذه عزة بإثم وهذا هوالمأمول،فيا من تدعي جهاداً اغبرَّت قدماك في ميادينه تجاهد المعتدين وتذود عن حرمات المسلمين اعلم أن الأعمال بخواتيمهاوالمرء يعطى على نيته فمابالك نكست الرايةوقد كان لك في نفس كل مسلم منزلةعليَّة نلتها بلقب المجاهد العظيم،هل خلت أرض المسلمين من جبهات مشتعلة تتلهف لنجدتك ونصرتك؟أم هل نالت امرأة مسلمة رد اعتبارها ممن هتك عرضها في ساحات صراع معلومة بين الحق والباطل ترفع فيها رايات ناصعة بالحق براقة بوضوح المنهج والسبيل تنادي هلم إلينا؟ في زمن اشتدت وطأةالبلاء علىالأمةوأحاطت بها الخطوب من كل حدب وصوب فزاد عليها الضيق والرهق فأغرى بها كل عدو متربص وزاد مصابها بعثرات وغدرات من بعض بنيها الجانحين عن الرشاد فحل فساد عظيم يخاف العقلاء من وميض نار مستكينة تحت رماده بفعل عداوات تتفاقم في صدور مشحونة بغيظ حاد عن تفريغه في وجهة صائبة فارتد عنفا أعمى لا يلوي على شيء لا هدف يقوده ولا غاية تسوده، فأثخن في الأمة الجراح وجعل الخسارة مركبة وألهى الأذهان والجهود عن تلمس طريق النجاة وتلمس اسباب العزة ودعم الحق فأربك الخطى وأعاق سبل الإصلاح المنشود وعمق المشاكل، وزاد في قوة اعوان الشيطان ومثيري الفتن وأهل الأهواء فعلا صوتهم واشرأبت عناقهم وقد لبسوا ثوب الناصح الأمين يبغون الفساد فيخلطون الأوراق من أجل حرق المراحل للوصول الى تنفيذ مأربهم التي بلا شك تمعن في إضعاف الأمة، فهل يرضيك أن تكون معول هدم في صف المفسدين سواء شعرت بذلك أم لا؟
هل هانت عليك نفسك وهانت عليك نفوس بني قومك الذين يلهجون بكلمة التوحيد صباح مساء؟! أين تفر من كلمة الشهادة التي أزهقت روح حاملها في صراع عبثي لا طائل من ورائه إلا خسران محقق؟ هل هناك مجال للمقارنة بين أن تموت في ساحات جهاد تطمئن له نفس كل مسلم يفخربك كل قريب إلى آخر ذرية لك وبين أن تموت في معركة مع بني قومك وملتك صريعاً يتحاشى قومك تلقف أخبارك من هول الفاجعة؟! هل الآخرة بهذه المنزلة التي تقبل المخاطرة بالنفس في خاتمة يتخوف العاقل فضلاً عمن يدعي الجهاد من مآلاتها؟ أليس فيمن سبقك عبرة وعظة في بلاد الإسلام التي سالت فيها دماء جسدت معاني الخسارة المحضة ثم آلت إلى خيبة وضعف بعدما سارت بأخبارمفاسدها العظيمة الركبان وما بلغ الحال عندنا معشار ما عند القوم من فساد يمكن اللوم عليه؟! لا ندَّعي طهر الملائكة ولا صفاء مجتمع الصحابة، لكن في هذا الزمن الذي استغرب فيه التوحيد واستشرى الشرك نفخر باستمساك بالتوحيد الحنيفي يلزم العض عليه بالنواجذ وترسيخ مفهومه في أجيال الأمة تجريدا للإخلاص وتمسكا بقارب النجاة مع أمن لا تستقيم الحياة بدونه، دعونا نختلف ونتظالم برفق وفي حدود الشرع المنصف دون حاجة لأن تسيل دماء وتسكب دموع فالكل خاسر، فلن تعدم الأمة حكمة بالغة تنصف المظلوم وتوفق بين الأفهام، فما هكذا تورد الإبل يا قوم، كم لهذا العبث فماذا جنى ربانه؟ إن الكل يعارضه ولا يرضاه والأمة لن تجتمع على ضلال ومن شذ نال الخسران، فرغم ما فعلتم بنا نشفق عليكم من هذا الطريق إن صدقت النيات فعودوا إلى رشدكم ما دام في الأمر فسحة والرجوع للحق خير من التمادي في الباطل، وإن كان بكم طاقة لا تنكرفوجهوها لميدان العزة التي تناديكم وأثخنوا في العدوالمتجلي تربت أيديكم! وكفوا عنا هذا العبث الذي لا طائل من ورائه راجعوا مواقفكم وزنوها بالكتاب والسنة وهدي السلف بتجرد وموضوعية وليكن رائدكم في ذلك نصرة الإسلام والمسلمين بحق لا التشويش عليهم وإرباك صفهم في وقت هم بأمس الحاجة لوحدة الصف وجمع الكلمة والاستفادة من كل جهد مخلص، عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا ويسدد الخطى ويؤلف بين القلوب، والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل.

ص ب 31886 الرياض 11418
فاكس: 4272675


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved