بات الإرهاب كاللقيط الأجرب يتبرأ منه الجميع ويرفض الكل أن يلحقه بنسبه، الجميع يتدافعه ويلقي به إلى الخندق المقابل، وبات الجميع يتفرس ملامحه ويتتبعها لعلها تشي بنسبه الحقيقي وسلالته وشجرة العائلة.
ولكن ما أعرفه أنا هو ما يلي:
عندما أَمتلكُ الحقيقة الكاملة سواء زعمت هذا أو توهمته أو ادعيتُه أو ظننتُ ذلك، أو شبه لي أو غشاني الأمر كيقين ثابت.. فهذا هو الإرهاب، لأن اليقين هو شأن إلهي خالص ومن يدعيه من البشر هو مارق وخارج على الناموس الإلهي، بل هو إبليس الذي آبى واستكبر وتبطر وظن بامتلاكه الحقيقة حينما ادعى بسموه كمخلوق ناري على مخلوق الطين.
- عندما أرفض التعايش مع الآخرين وعندما أحاول أن أسحبهم رغم أنوفهم للتسليم باعتقادي الخاص (على اعتبار بأنني امتلك الحقيقة المطلقة دون العالمين).. فأنا إرهابي.
- عندما أبني جدراناً طويلة مروعة على العقول والأدمغة وأمنع عنها الهواء والضوء ومقومات الحياة، بحجة الحماية والوصاية وأحشر الأدمغة بداخل حضانات بدائية، لرعاية الخدج، ومنعها عن النمو والتطور.. فأنا إرهابي.
- عندما أستعملُ لغة النفي والإقصاء والتدمير اتجاه الآخر فقط بسبب جريرة اختلافه.. فأنا إرهابي.
- عندما أصر على طلاء العالم من حولي بلون واحد... طلاء جميع الوجوه والجدران والبيوت والشوارع والحدائق والسماوات والأراضي بلون واحد على اعتبار بأنه الأفضل والأحسن والأمثل (بحسب اعتقادي) فأنا إرهابي.
- عندما انشغل بمراقبة الناس ومتابعتهم في سلوكهم وسيرهم ومأكلهم ومشربهم لتسقط عيوبهم ومن ثم الاشتباك معهم بعنف يفتقد القول اللين والموعظة الحسنة.. فأنا إرهابي.
- وعندما أتقنع بخلف قناع أو اسم وهمي أو مستعار وأبدأ برجم عباد الله الغافلين سواء على ساحات الإنترنت أو في المجالس الخاصة.. فأنا إرهابي.
|