جميل جدا أن تحتفي جامعة أم القرى بمكة المكرمة بالرموز الوطنية في بلادنا الحبيبة ومن أولئك أستاذ الأساتذة وشيخ الشيوخ الشيخ محمد بن سرور الصبان الذي استطاع أن يعطي صورة رائعة بما أنه ابن من أبناء هذه الأرض الطيبة حيث إنه لم يبخل بأي جهد وبأية امكانية مادية ومعنوية يملكها إلا ووضعها في خدمة وطنه والشيخ محمد بن سرور الصبان - رحمه الله - إنسان متعدد الاهتمامات من أدبية وثقافية واقتصادية واجتماعية، فهو أولا رجل دولة من الطراز الأول إذ إنه استحوذ على ثقة جلالة الملك المؤسس عبدالعزيزآل سعود - رحمه الله - فكان من المقربين إليه والمجال لا يتسع لذكر صور التكريم التي كان يلقاها من جلالة الملك عبدالعزيز ومن ثم من أبنائه الملوك والأمراء، أما الصبان كرجل أدب وفكر فإننا نجد أنه قد توسعت مشاربه الثقافية وقد أنشأ مكتبة وطنية لبيع الكتب في مكة المكرمة واستيرادها من الخارج وخصوصا المطبوعات والمجلات التي تصدر في القاهرة وبلاد الشام وهو أيضا اتخذ من هذه المكتبة دار طباعة ونشر وقد طبع كتبا منها (أدب الحجاز) وهي مجموعة مقالات وأبحاث كتبها الأدباء في مدينتي مكة وجدة وللصبان كتاب آخر اسمه (المعرض) وهذا الكتاب يعتبر من الكتب المهمة التي تعطي صورة لاهتمامات الشيخ الصبان وتوجهه في اعتزازه بالعربية الفصحى إذ إنه وجه أسئلة للأدباء الرواد من أمثال عبدالوهاب آشى، ومحمد حسن عواد ومحمد عمرعرب ومحمد حسن فقي، وكلها أسئلة تدور حول سلامة اللغة العربية مع الاستنارة بآراء النخبة من المفكرين في هذا المجال والعمل على الارتقاء بشأن الفصحى ومقاومة الدعوات العامية وخصوصا الدعوات التي تنادي إلى الكتابة بالأحرف اللاتينية سواء في مصر أو لبنان ومن أجل ذلك كان الصبان هو أول من دعا إلى إنشاء مجمع للغة العربية في هذا البلد الطيب، بلد القرآن، كما عمل الصبان - رحمه الله - على رفد الساحة الثقافية بطباعة العديد من الكتب وذلك على نفقته الخاصة منها كتاب (العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين) للتقي الفاسي في ثمانية أجزاء و(تهذيب الصحاح) للزنجاني و(ديوان فؤاد الخطيب) كما كانت له مشاركة عظيمة في طبع وإخراج مصحف مكة المكرمة الذي كتب بخط أحد المربين وهو فضيلة الشيخ محمد بن طاهر الكردي وذلك سنة 1356هـ، كما أن للصبان جهودا رائعة في تشجيع أدب الشباب وقد ترك مكتبة ضخمة تضم العديد من المجلدات في جميع الفنون والعلوم والآداب.
مصطفى حسين عطار |