شاءت إرادة الخالق عز وجل أن يكون الجلد هو الكساء الطبيعي لجسم الإنسان، يغلفه ويغطيه من الرأس وحتى القدمين.
يحميه من أذى العوامل الخارجية المحيطة به، ويحفظه من الحر والقر، كما يعتبر الجلد أكبر وأوسع عضو في جسم الإنسان.
وتشير دراسات الخلية الجلدية وأبحاثها إلى ما لهذه اللحافة الجلدية المعقدة المكونة من خلايا وأوعية دموية وأعصاب وغدد، والمكسوة بالشعر والأوبار والأظافر، من تركيب إلهي دقيق يفحم أدق التقنيات الصناعية البشرية، وما يمنح هذا العضو الأسمى الهيبة التي يستحقها، والفطرة المعجبة التي يستأهلها .
والغريب أن نشاهد أحياناً الحلاق والحماة والجارة كلهم يفتون ويتصرفون وكأنهم أطباء أمراض جلدية ومتخصصون في أبسط وأعقد الأمراض الجلدية، دون أدنى دراية بالطبع في الأسس العلمية لتلك الأمراض.
وربما كان لما فُطر عليه الإنسان من مزاج وتأثير نفسي وعاطفي أثر في ذلك، فيصيبون مرة ويخطئون عشرات المرات. بينما نجد أن الجلد جلود صابر على تجاربهم ووصفاتهم الطبية المختلفة.
وعادة ما يعود هؤلاء المرضى المساكين الى أطباء الجلد يشكون ما قد حصل لهم نادمين آسفين!.
والحقيقة والواقع يدحضان هذا التفكير الخاطئ الذي ينطوي علي جهل عميق واستخفاف كبير بفرع واسع من فروع الطب، فالجلد هو المرآة التي تنعكس عليها مختلف الاضطرابات التي قد تطرأ على الأجهزة والأعضاء الباطنية، لذا فإن معالجة أي إصابة تطرأ على الجلد تستوجب التحري عن أسبابها وعلاقتها بجميع الأجهزة الأخرى، وتتطلب المعرفة والخبرة في مختلف فروع الطب واختصاصاته.
وإذا عُدْنا إلى الجلد ونظرنا إليه من الناحية الحسية، فإننا نراه أشبه ببساط واسع ممتد على السطح، ويحتوي على شبكة من الأعصاب المختلفة المصادر والغايات، تنقل الإحساسات في حال هدوئها لتضفي على المرء السكينة والغبطة والصفاء.
أما في حال هيجانها، فإنها ترديه إلى أسوأ حال، وأهم هذه الأحاسيس هو الحكة، هذا الشعور الذي يختص بالجلد ويشكل العرض الأساسي في معظم الأمراض الجلدية.
ويكفي أن نذكر أن الله جلَّت قدرته خلق الإنسان في أحسن تقويم، واقتضت حكمته أن يختلف جلد الإنسان عن جلود سائر الحيوانات بخصائص وميزات لا يشاركه فيها غيره، فمثلاً لون الجلد يختلف حسب العرق والجنس والإقليم، كما أنه يختلف في الشخص الواحد خلال أطوار حياته وحسب مناطق التعرض للشمس والنور.
ولقد ذكر الله سبحانه وتعالى اختلاف الألوان أنها من آياته البيِّنات في قوله: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ} (الروم: 22).
عيادات ديرما - الرياض |