ما زلتُ أذكر دموع الحزن ثم دموع الفرح في عيني ذلك العامل الذي كانت أمه تعاني من أزمةٍ قلبيةٍ حادةٍ، لقد رسم أمامي لوحة قاتمة لحزنٍ عميق وهو يحدّثني عن حالة أمه الصحية المتردّية، وعن إحساسه بالأسى القاتل وهو يقف أمامها عاجزاً عن علاجها الذي يحتاج إلى رعاية صحية عالية في مركز صحي مؤهّل لإجراء عمليةٍ دقيقةٍ في القلب.
إنها أمّه، وهل هنالك ما هو أعزّ على الإنسان من أمّه، ولا بد من عمل شيء يرفع عن هذا الابن الحزين هذه الكربة العظيمة.
إنّه خطاب مكوّن من عددٍ قليلٍ من الأسطر كتبته له موجِّهاً إلى مُسعف المرضى (سلطان بن عبدالعزيز)، ولم تطل رحلة ذلك الخطاب المختصر، فقد وصل إلى غايته، وأنتج خطاباً موجّهاً من سلطان بعلاج الأم التي يعاني قلبها الرحيم من أزمته الشديدة.
ومرّت أيام معدودات كانت هي الفارق بين دموع الحزن التي رأيتها في عيني ذلك الابن، وبين دموع الفرح التي رأيتها تتألق في عينيه وهو يقول لي: أبشِّرك، لقد نجحت العمليّة، وزالت الأزمة، ورفع يديه إلى السماء داعياً لكلِّ من أسهم - بعون الله ومشيئته - في علاج والدته الرؤوم.
قال: لن نفتر من الدعاء ل(سلطان) الذي كانت استجابته للطلب أسرع مما كنّا نظن.
حالةٌ من حالات الإسعاف للمرضى، شاهدتها، وعشت معها، وهي واحدة من حالات كثيرة تجري على هذا النّسق الجميل.
حينما سرت الأخبار بدخول مسعف المرضى إلى المستشفى، جاءني صوت ذلك العامل (الابن البار بأمّه) حزيناً هادئاً ودوداً مفعماً بعاطفةٍ صادقةٍ نحو (سلطان - مُسعف والدته)، قائلاً: إنني أدعو من كل قلبي لسمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز بالشفاء، وإن والدتي لترفع يديها إلى السماء متجهة بقلبها الحنون إلى الله عز وجل ان يمنَّ بالشفاء على من كان سبباً - بعون الله - في زوال أزمتها القلبيّة الحادّة، إنني أبلِّغك بهذا لأنّك كنتَ سبباً في هذا ا لفضل الذي منَّ الله به علينا، أما (مُسعف المرضى) فلن نستطيع أن نوصِّل إليه صدى دعواتنا الصادقة، قلت له: ما دام دعاء والدتك ودعاؤك موجَّهاً إلى الله فإنه سيصل - لا محالة -.
هنا طاب لي أن أوجّه الدُّعاء بالشفاء، والأجر لمن لا يتوانى عن إسعاف من تصل إليه حالاتهم من المرضى، وأن أسجّل هنا هذه الحالة إشادةً بالأعمال الخيّرة، ودعوةً لصاحبها بأن يجزيه الله خيراً، ورسالة إلى كل من يستطيع أن يُعين مكروباً، أو يساعد محتاجاً، أو يرعى يتيماً، ألا يتأخّروا عن هذه الأعمال الخيرية الجليلة لأنها من أسباب النجاح والنجاة في الدنيا والآخرة.
وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال: أحبُّ الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، ولأن أمشي مع أخي في حاجة أحبُّ إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد شهراً، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيَّأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام.
لا بأس يا مُسعف المرضى (سلطان بن عبدالعزيز) وجمع الله لك بين الأجر والعافية.
إشارة:
فضل المهيمن بحرٌ لا حدود له
فيه اللآلئ لا يعرفن أصدافا |
|