Saturday 8th May,200411545العددالسبت 19 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

نهارات أخرى نهارات أخرى
الاكتشاف ما قبل الأخير!!
فاطمة العتيبي

تكتشف مثلي اليوم..
أن السنين عبرتك..
وأن الطفولة في داخلك تكاد تغادرك..
تكاد تلوح لك.. بالوداع الأخير..
حتى لو نجحت باكتشاف محاولة هربها في اللحظة..
لكنها مودة مؤقتة..
ستجد فرصة سانحة كي تتسلل وتخرج من قلبك إلى الأبد..
** ما الذي يدفعك اليوم لكي
تفتش في الوجوه القديمة التي عبرتك..
في الأسماء..
في المدن.. في الطرقات..
في الروايات التي قرأتها..
في الهوامش التي دونتها عليها..
في كل الرسائل التي تحشدها في (كرتون) عتيق
تحمله معك..
تعيد تغليفه مراراً..
وترميم غلافه القديم.. تريد كل البصمات المحتشدة فيه..
هي التاريخ الجميل.. الممهور في قلبك..
تريد بصماتك التي تركتها عليه..
تريد كل الكلمات والمشاعر التي دونت فيه..
تريد نبض الحروف التي تباغتك من تعرجات الحروف..
ونقاط الحبر المختفية من بين السطور..
هذا سؤال وتلك إشارة.. وهذا صدق.. وتلك محاولة يائسة..
** وتلك.. وتلك..
** لك الآن سبل اتصال حديثة وأنيقة..
جوال بكاميرا.. معبأ بالرسائل لكن كثير منها أرسل لغيرك
مئات المرات..صور مهداة.. ليس فيها نبض صدق..
كلها سريعة (ومسلوقة) .. لا منمنمات
ونقوش خاصة فيها..
كلها عامة ومشاعة..
ولست من الذين يحتفون بالمشاع..
كنت وما زلت تحتفي بالوهج الخاص..
** نبض الأحلام
الذي يكاد يختفي من عروقك..
تتحسسه.. تفتش عنه.. ضاعت العروق وسط اكتظاظات الحزن العام الذي يلون عالمك.. لم تعد ذاك القلب الطازج الذي يتمكن من أن يحلم أحلامه الخاصة دون التماس مع الحزن الذي يعم الدنيا من حوله..
فقدت قدرتك على المقاومة..
فتساقط ريش الحلم من أجنحتك..
أنت اليوم صقر..
بنصف جناح..
كلما حاول الطيران..
تذكر الفضاء المملوء بالدخان والرصاص.. فعاد يدير عينيه الحادتين.. يحاول اختراق الصمت والخوف بقوته العتيقة وجناحيه المفقود نصفهما!!
** كلكم صقور مثلي تماماً..
تفتقدون ريش أجنحتكم..
تجولون بأعينكم الحادة ذات اليمين.. وذات الشمال..
تقفون في منتصف الطريق..
تستمدون قوتكم من شجنكم القديم.. من سنواتكم المفعمة بالحلم النابض وسط العروق الساخنة.. الفائرة بدماء الحب والركض والنهم للحياة الضاجة برائحة الكلمات العذبة..
كلكم اليوم مثلي.. تفر منكم ملامح طفولتكم القديمة..
تخرج من عروقكم..
تتسلل في غفلة منكم..
تهرب تارة.. وتارة تلقون القبض عليها..
لكنها وإن بقيت.. فهي راحلة.. لأنها راغبة في الرحيل..
** كلكم اليوم مثلي..
مقصوصة أجنحتكم..
تبدون مثل صقور
هرمة.. تعلو قمة الجبل..
لكنها في طريقها نحو التدحرج!!

فاكس 4530922


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved