أن ينزرع حب علم من أعلام الأرض في قلوب أناس لم يقابلوه ولو لمرة واحدة فهذا شيء من الله اختص به عبده فقط، ولا غرابة ان نجد ألسنة كثيرة من العامة والخاصة يلهجون بالدعاء لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، فقد ولد الأمير سمح المحيّا والحياة معاً.
كان شابا يركب الخيل عندما كانت متعة الشباب يومها الخيل، فكان المحيطون والمحبون له كثرا ممن هم أصحاب بعد نظر ووفاء، حدثني أحد أشياخنا قال: جئت إلى الرياض وأنا ابن السابعة عشرة، وكانت الرياض صغيرة يحيط بها دراويز من جهاتها، وكان بيت الملك عبدالعزيز في المربع، وما لبثت ان تعرفت على صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، فكنا نركب الخيل عند جبل (أبو مخروق) سموّه وسمو الأمير طلال وسمو الأمير سلمان، وتوطدت علاقتي بالأمير الذي يحب الناس ويحبونه، وقد عشت معه حوالي أربعين عاما ولم أر أو أسمع ذات يوم كلمة نابية تخدش الكرامة من سموه، بل كان يحترم الناس جميعا، سواء من هم في خدمته أم من يأتون إليه لماما، وهناك ميزة يمتاز بها سموه وهي أنه يترفع عن توافه الأمور ويتعامى ويتصامم عن سماعها.
اعتقد ان هذا هو السبب الذي جعل الناس يتعلقون بأمير شاب ثم شيخ محنك وصانع قرار مجرب، أي أن السماحة واحترام الطرف الآخر خلقت للإنسان سلطان بن عبدالعزيز متعلقين ومحبين له، ولو كان فظا غليظا لما بقي عنده أحد من الناس، وكما نعلم ان الناس يسمعون أحاديث الوفاء والكرم والشهامة فتصنع عندهم قبولا وتعلقا بالأعلام من الرجال.
وعندما دخل سموه المستشفى لإجراء عملية جراحية اشرأبت الأعناق إلى متابعة الخبر، فالأمير الذي يحبه الناس يهمهم أمره وأمر صحته جيدا، ولا غرابة فقد جاء خادم الحرمين الشريفين زائرا ومباركا بنجاح العملية، وهذا هو الوفاء من رجل الوفاء الأول أبي فيصل أطال الله في عمره، وهنا اطمأن الناس الذين يتتبعون أخبار العملية الجراحية، حيث نجحت وتوفقت ولله الحمد والمنة.
وعندما نكتب عن أحد ولاة هذا البلد، فإنما نكتب عن أعلام البلاد الذين لهم جهد في خدمة أمتهم ووطنهم لا ينكره أحد، فكم من مهموم فرّج الأمير سلطان كربته بعد الله، وكم من يتيم مسح دمعته وأعاد له أمل الحياة المستقرة، وكم.. وكم، ولا نحصي مآثر أب من آباء هذا الشعب المتلاحم المتكاتف، وهي ميزة ميّز الله بها أبناء المؤسس الكبير رحمه الله.
هنا الفرق الشاسع بين ولاة أمرنا وغيرهم، حيث تجد ان الشعب كله يتعلق بأبناء المؤسس رحمه الله، ويكنّ لهم محبة وودا واحتراما، وهم أهل لذلك، ويكفيهم انهم وقفوا وقفة حب وتفان لشعب أحبهم مثلما احبوه.
اللهم أدم علينا نعمة الأمن والإيمان، وازرع في قلوبنا حبك وحب رسولك، وحب الرجال الذين يحكمون شرعك، وكل مؤمن يسعى للخير.. إنك على كل شيء قدير.
محمد بن ناصر أبو حمراء
الرياض فاكس 2372911 |