نشرت صحيفة الاقتصادية في عددها الصادر يوم الخميس 8-4-2004م أن دراسات قانونية أوصت بمطالبة المصارف والبنوك السعودية بعدم منح دفتر شيكات لمن يقل رصيده عن (100.000) مائة ألف ريال وذلك بهدف القضاء على ظاهرة انتشار قضايا الشيكات دون رصيد.
وأمام تلك التوصية الغريبة، لا أملك سوى أن أتساءل هل قضية كتابة الشيك بدون رصيد من القضايا المعقدة للدرجة التي نعلن فشلنا في القضاء عليها من خلال تقديم مثل تلك التوصية؟. ثم هل حرمان من يقل رصيده عن مائة ألف ريال سيكون حلاً مقبولاً للقضاء على تلك الظاهرة؟. فما ذنب من يقل رصيده عن مائة ألف ريال حتى يتم حرمانه من حمل دفاتر الشيكات؟. ألا يعلم من أوصى بتلك التوصية أن شريحة كبيرة من المتعاملين مع البنوك لا تزيد أرصدتهم على مائة ألف ريال؟ وألا يعلم من اوصى بتلك التوصية بأن البنوك السعودية تتنافس على جذب العملاء حتى لو لم يكن في حسابهم سوى آلاف قليلة من الريالات؟. ألا يعلم من أوصى بتلك التوصية بأن التعامل من خلال الشيكات بدلا من النقد هو مظهر حضاري ومعمول به في كافة دول العالم باستثناء المملكة؟ وان التعامل بالشيكات هو حماية للناس من حمل النقود؟. ثم لماذا نحن البلد الوحيد الذي عجزنا حتى اليوم عن علاج مشكلة الشيكات بدون رصيد على الرغم من أعداد الشكاوى المتعلقة بالشيكات بدون رصيد التي قدمت لغرفة الرياض فقط خلال الأعوام القليلة الماضية تزيد على الخمسة عشر ألف شكوى بمبالغ اجمالية تصل إلى خمسة مليارات ريال؟. ثم هل يعقل أن نواصل فشلنا في القضاء على تلك الظاهرة باقتراح مثل تلك التوصية الرامية إلى حرمان كل من يقل رصيده عن مائة ألف ريال من الاستفادة من التعامل بالشيكات؟. ثم من قال ان صغار المستثمرين هم الوحيدون في كتابة الشيكات بدون رصيد، ومن يريد التحقق من ذلك فليراجع أيّاً من لجان تسوية منازعات الأوراق المالية ليجد ان الكثير من مرتكبي تلك المخالفات هم من أصحاب الأرصدة الكبيرة، في ظني أنه إذا كان هذا هو أسلوبنا في معالجة قضايا وظواهر أساسية تواجه شريحة كبيرة من المجتمع بشكل مستمر مثل ظاهرة الشيكات بدون رصيد، فإنني سأكون متشائماً بأننا لن نتمكن مطلقاً في القضاء على تلك الظواهر طالماً ان هذا هو منطقنا وأسلوبنا في القضاء على تلك الظواهر.
ختاماً، لا بد من الإشارة إلى ان العقوبة التي نص عليها نظام الأوراق المالية في مادته (118) نقضي بأن من يرتكب مخالفة الشيكات بدون رصيد فعقوبته السجن ثلاث سنوات وغرامة مالية تبلغ خمسين ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفي حال تكرار تلك المخالفة تتضاعف العقوبة بالحبس لمدة خمس سنوات وغرامة مالية تبلغ مائة ألف ريال.
وبالتالي فإن العلاج الأمثل الذي يجب ان يتم تطبيقه للقضاء على ظاهرة الشيكات بدون رصيد انما يكون بتنفيذ تلك العقوبات التي نص عليها النظام بدلا من ان نوصي بحرمان من يقل رصيده عن مائة ألف ريال من التعامل بالشيكات. ولو تم تنفيذ تلك العقوبات التي تضمنها النظام لأصبحت ورقة الشيك لدينا أداة لتسهيل المعاملات المالية والتجارية كما هو الحال في كافة دول العالم بدلاً من كونها أداة لتسهيل عمليات النصب والاحتيال كما هو الحال في المملكة.
|