Friday 7th May,200411544العددالجمعة 18 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

18-6-1391هـ - الموافق 10-8-1971م - العدد 355 18-6-1391هـ - الموافق 10-8-1971م - العدد 355
الخلاصة من رحلة سفينة أبوللو إلى القمر

لا شك أن الصور المنقولة من أرض القمر إلى شاشة التلفزيون كما استطاع أن يشاهدها مئات الملايين من الناس، كانت أوضح ما رأينا حتى اليوم، وان هذا (الريبورتاج) أروع ما شاهدته عين بشرية في التاريخ فيصح القول انه تسنى لكل إنسان أن يتنقل على سطح القمر مع الرجلين الأمريكيين وان يشاطرهما التعب والراحة والإعجاب والتعجب. فكأن كل واحد منا زار القمر واندهش وتجول في سيارة بين صخور القمر وفوهاته ومس ترابه وحجارته ووقع ثم نهض مثلما حصل لهذين الرجلين في مغامرتهما التاريخية.
ويتساءل المرء إزاء هذه المغامرة عما ينبغي أن يعجب به! فهل يعجب للمحققات التقنية الرائعة وللدقة التي جرت بها العمليات المختلفة، أم لبسالة رجلين ورباطة جأش آدميين كانا يمشيان على ارض القمر ويقهقهان كأنهما جالسان في مقهى؟
قال خبراء قاعدة يوستون الأرضية أن كلا من نزيلي القمر كان اكثر منهم هدوءاً ورباطة جأش!!
ومع هذا الإتقان والدقة، كاد حادث طفيف يعطل الرحلة حينما انكسر زجاج آلة قياس الارتفاع وتبعثرت أجزاؤه في السفينة، وكيف لا يتعجب المرء متسائلاً: ما هي الفائدة من كل هذا الاتقان العلمي والتقني من كل هذه الحسابات الدقيقة من كل هذه الشجاعة البشرية، إذا كان المشروع كله عرضة للإخفاق لمجرد حادث طفيف مثل انكسار غشاوة زجاجية لا يجاوز سمكها بعض المليمترات؟
ولا ريب أن كلا منا تذكر الكارثة الحديثة التي وقعت لثلاثة رجال آخرين من أبطال الفضاء لاقوا حتفهم لمجرد حادثة طفيفة هي عدم انغلاق باب مقصورة سويوس السوفيتية!!
ولكن أحد الفلاسفة قال: ان النور لا معنى له ولا جمال لو لا تعاقبه مع الليل!!
وعلم الفلك لا يزال في مرحلة الليل والتلمس رغم التقدم الشاسع الذي انتهى إليه في العقد المنصرم.
ولكن ما هي الخلاصة العلمية من هذه التجارب ومن هذه الرحلات المتواصلة إلى القمر؟ ما هي النتيجة المحسوسة في المجال الاقتصادي والصناعي؟ فهل تحسن مصير البشرية اثر هذه المحاولات؟
باب الجدال مفتوح إلى غير نهاية في هذا الموضوع. غير أن الفوائد العملية لابد أن تظهر ذات يوم. ويقال في هذا الشأن ان الطب هو أول الفروع المستفيدة من التجارب الفلكية.
خير مثال محسوس على هذا الوجه الطبي، تلك الآلة التي صنعتها وكالة النازا الأمريكية لتدريب رجال الفضاء. وهي آلة مبنية على مبدأ القوة النابذة. فيجلسون فيها مدة دقائق فتدور بهم بسرعة فائقة.
ويتدربون بهذه الطريقة على مقاومة (دوار الفضاء).
وكان أول تطبيق طبي لهذه الآلة في مستشفى أمريكي. فان أحد الرجال كان قد تعرض لاغتيال وأصيب برصاصة في دماغه وظلت الرصاصة مغروسة في نخاع الدماغ من غير وسيلة جراحية لاستخراجها.
فعمد الجراحون إلى آلة وكالة النازا فأجلسوا الرجل داخل الآلة التي لم تكد تدور به بضع ثوان حتى استطاعت أن تقذف الرصاصة من مكانها الأصلي في نخاع الدماغ إلى مكان آخر منه ليس فيه أي خطر.
وكذلك استفاد الطب من الأساليب المستخدمة لفحص أجهزة بدن رجال الفضاء ومراقبة حركة القلب والدورة الدموية والضغط في الشرايين على مسافة 400 ألف كيلو متر!
قال أحد خبراء وكالة الفضاء الأمريكية: نحن لا نعرف معرفة اليقين أين ستنتهي بنا هذه المغامرات الفضائية. ولكننا نعتقد أن المجال المفتوح لأبناء الأرض لكي يغادروها متى أرادوا ويرجعوا إليها متى أرادوا، إنما ينبغي اعتبارها بداية مرحلة تاريخية في مصير البشرية.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved