Friday 7th May,200411544العددالجمعة 18 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

(وقفات) حول لقاء المحكوم عليه بالقصاص (وقفات) حول لقاء المحكوم عليه بالقصاص

اطلعت على اللقاء المثير الذي نشر في الجزيرة مع أحد السجناء والمحكوم عليه بالقصاص عدد 11519 فأوحى لي هذا اللقاء بهذه الوقفات:
الوقفة الأولى: صاحب الإيمان الراسخ واليقين الصادق، تراه ساكن النفس مطمئن الفؤاد، راضيا بقضاء الله وقدره، فهذا المحكوم عليه بالقصاص حينما سأله المحرر عن شعوره، حين أخبر عن قرب موعد تنفيذ حكم القصاص عليه، فكان جوابه: (صدقني كانت ككل الليالي، وربما تستغرب أنني نمت ليلتها باكرا ككل الليالي) ولما سأله ما السر في ذلك؟
قال: (أبدا إيمان عميق، وليس مصطنعا بأن الأعمار بيد الله، وربما يقرر الناس أن يكون قصاص بيد السيف فلان، وتكون إرادة الله أن يموت السياف قبلي، وكم من أناس كانوا يزورون ويتابعون
مرضى مصابين بمرض عضال، ماتوا هم وشفوا المرضى تلك سنة الله في خلقه)، هذا هو الفرق بين النفس المطمئنة الراضية بقضاء الله وقدره، وبين النفس المضطربة القلقة، التي يظل صاحبها كئيبا، حزينا، عند أدنى مصيبة. وقد يصل به الحال إلى الانتحار.
الوقفة الثانية: فضيلة كظم الغيظ، والتفكر الدائم في العواقب الوخيمة الناتجة عن سرعة الاندفاع، في الاستجابة لدواعي الغضب.
الوقفة الثالثة: رب ضارة نافعة، فهذا السجين والمحكوم عليه بالإعدام يقوم الليل، ولا يتخلف عن صلاة الجماعة، ويداوم على تلاوة القرآن الكريم، ويصلح بين الناس، وهذه كلها أعمال طيبة، سيحمد عاقبتها في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم، فكم من طليق مفرط في الكثير من مثل هذه الأعمال الصالحة.
الوقفة الرابعة: هؤلاء الذين ابتلوا بمثل هذه المواقف الصعبة،
مسؤولون عن: زوجات وأولاد.. وهم في أمس الحاجة، للرعاية والعناية، وقد اقترح صاحب اللقاء: (أن تنشأ صناديق خاصة تجعل ممن هم في مثل هذه الظروف، يشعرون بأنهم يستطيعون الاطمئنان على عوائلهم، إما من خلال مصاريف شهرية أو من خلال مساعدتهم نحو إيجاد مساكن لعوائلهم) آمل أن ينظر في هذا الاقتراح، فهؤلاء أولى بالعناية والرعاية من المحتاج الطليق، الذي يخالط الناس ويجالسهم.
الوقفة الخامسة: فضل هذا الدين وعظمته، في التأليف بين القلوب، فهذا السجين ينتظر القصاص، ومع ذلك يدعو بالرحمة والمغفرة، لمن كان السبب في سجنه ومن ثم قتله.
الوقفة السادسة: قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (179) سورة البقرة، إذا علم كل من اشتد غضبه، وحيل بينه وبين ما يريد، أنه ستنزل به عقوبة، تماثل الجرم الذي سيرتكبه، سيتردد كثيرا قبل
أن يقدم على الانتقام.
الوقفة السابعة: إن الله ليزع بالسلطان، ما لا يزع بالقرآن. تلك حقيقة يجب أن يعيها الناس، لذا لابد من الوقوف صفا واحدا، ضد كل من يسعى لزعزعة الأمن، ووحدة الصف، فكما قيل، نعمتان عظيمتان لا تعرف قيمتهما، إلا عند فقدهما، الصحة في الأبدان والأمن في الأوطان.
الوقفة الثامنة: العفو عند المقدرة من شيم الكرام، ولنا في رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الأسوة الحسنة، فقد تعرض عليه الصلاة والسلام لصنوف الأذى، ومع ذلك لما قدر، عفا وصفح، وقال: لأهل مكة اذهبوا فأنتم الطلقاء.
الوقفة التاسعة: الشكر الجزيل لجريدة الجزيرة، على عرض مثل هذه اللقاءات المؤثرة، لتكون عظة وعبرة لمن يطلع عليها، فيلزم الطريق المستقيم.

محمد بن فيصل الفيصل/المجمعة


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved