إن من أعظم نعم الله تعالى على هذه البلاد المباركة عناية قادتها -وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين حفظهما الله تعالى ورعاهما- بالقرآن الكريم في مختلف الجوانب من تحفيظه وتعليمه وتفسيره ونشره والدعوة إلى تدبره والعمل به. كيف لا وهو السبيل إلى سعادة الدارين {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} (الإسراء: 9)؟! وكيف وهو دستور هذه البلاد ومنهاجها؟! واليوم ونحن نتمتع برعاية كريمة من أحد قادة الوطن ورجاله الفضلاء سمو أمير منطقة الرياض الرجل الفذ سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله ورعاه- هذه الرعاية الكريمة في إقامة هذاالعرس القرآني الذي يعقد في كل عام.. وأقول: هذا العرس القرآني؛ لأنه احتفال واحتفاء بالقرآن الكريم وأهله.. وأي فرح أعظم من الفرح بتعظيم كتاب الله تعالى وإعلاء شأنه؟! وأي فرح أعظم من أن يلتقي حفظة كتاب الله تعالى على التنافس في حفظه وفهمه؟! فجزى الله خيراً سمو أميرنا، وجزى الله خيراً وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، وعلى رأسها معالي وزيرنا الشيخ صالح آل الشيخ على ما يبذله ورجاله الكرام القائمون على هذه المسابقة من جهود كبيرة مباركة في تحقيق أهدافها وغاياتها.
هذا وإن هذه المسابقة الكريمة التي يلتقي فيها أبناء هذه المملكة الحبيبة من حفظة الكتاب العظيم فيتعارفون في الله تعالى ويتآخون فيه، ويرتبطون علماً وشعوراً بكتاب الله، ويستفيد بعضهم من بعض، ويحث بعضهم البعض الآخر على مزيد من العناية بحفظ القرآن ومراجعته، وهذا بلا شك من أهداف هذه اللقاءات الخيرة، ولا شك أن هذه المسابقة كانت حافزاً قوياً لجمعيات تحفيظ القرآن الكريم في المملكة بكل المناطق للاهتمام بتحفيظ القرآن لأبنائها والارتفاع بمستواهم في الحفظ والتلاوة والتجويد، فنحن نرى أنه قبل عدة سنوات كانت المشاركة من بعض المناطق ضعيفة ومحدودة، وها نحن اليوم نرى تزايداً في المشاركة والاهتمام.. ومرة بعد مرة -إن شاء الله تعالى- تتقارب مستويات المناطق حفظاً وتلاوة باستمرارية هذه المسابقة.
ثم إن هذه المسابقة توقف المهتمين بجمعيات تحفيظ القرآن الكريم على جوانب القصور وكيفية تداركها فيما بعد، حتى يكون الإنتاج بصورة أفضل، وتكون الجمعية في مصاف المتنافسين على هذا الخير.
كما أن هذه المسابقة ساهمت بشكل ملحوظ في انتشار حلقات تحفيظ القرآن الكريم، وبذل أهل الخير من أموالهم وجهدهم في دعم جمعيات التحفيظ في مختلف المناطق.
ولا ريب أنها حافز قوي لأبنائنا وبناتنا الطلاب على مزيد العناية بحفظ القرآن ومراجعته وتعلم تلاوته على الوجه الصحيح، فإنه لا يكفي أن يكون المتسابق حافظاً حتى يفوز في المسابقة، بل لا بد أن يكون متقناً للتلاوة. فهذه المسابقة بهذا القيد، وهو إتقان التلاوة في الحفظ تكون قد ساهمت كذلك في الارتقاء بمستوى الطلاب والطالبات العلمي والعملي.
ثم إنه لا يخفى أن إنشاء هذه المسابقة الكريمة ودوامها واستمرارها دعوة صريحة للالتزام بهذا القرآن العظيم منهجاً وسلوكاً للأمة عامة وأبناء الوطن خاصة، وخصوصاً في هذه الأيام التي انحرفت فيها أفكار بعض شبابنا هداهم الله، فمثل هذه المسابقة تعمق الارتباط بكتاب الله تعالى والسير على نهجه وسبيله الوسط البعيد كل البعد عن التطرف والانحراف في الاعتقاد والفكر والسلوك.
وأقترح لكي نرقى بهذه المسابقة لتحقيق أهدافها وبرامجها وتطويرها أن يصاحب أيام المسابقة لقاء يومي لمدة ربع ساعة فقط تكون بعد نهاية حصتي المسابقة اليومية، ينبه فيه أحد أعضاء لجنة التحكيم على أهم ما ينبغي للطالب أن يعتني به في تلاوته، وذِكْر أهم الأخطاء التي تكثر بين القراء حتى نرتفع بمستوى الحفظة حفظاً وتلاوة، كذلك أن يصاحب أيام المسابقة لقاء يومي بعد حصتي المسابقة ولمدة ساعة واحدة فقط يلتقي فيهاالحفظة بأهل العلم الشرعي في هذا الوطن يتم فيه تنبيه الطلاب على ما ينبغي أن يكونوا عليه من صحة المعتقد والفكر والسلوك وبيان طرق ذلك لهم والتحاور معهم، وفتح مجال الحديث المباشر بينهم وبين أهل العلم الثقات حتى يزول ما قد يعتري بعضاً منهم من خلل أو نقص أو عدم وضوح.
( * ) عضو لجنة تحكيم المسابقة |