طالعت كثيراً ما يكتب حول الأحداث الأخيرة من تلك الفئة الضالة التي تستهدف الأمن متجاهلين أن الأمن مطلب وأي مطلب، سعت إليه البشرية، بل سعت إليه الخليقة كلها من إنسها وجنها ودوابها، في كد وكدح لبلوغ هذا الهدف المنشود- الأمن- بالأمن تحلو الحياة ويطيب العيش وتستقر النفوس.. ليس ذلك فحسب بل بالأمن تسير عجلة النماء ويزدهر البناء، وقبل ذلك وبعده تقرّ أعين العباد فيعبدون ربهم بقلوب مطمئنة، فرائح وغادٍ إلى بيوت الله، وماضٍ إلى أرحامه ليصلهم، وساعٍ على الأرملة والمسكين.. فإذا انعدم الأمن سلبت الراحة، وقلت الطمأنينة وزال قرار النفس.. وتبعاً لذلك تنعكس الموازين.. فلا عبادة إلا بتوجس وحذر، ولا نماء ولا ازدهار.. بدون الأمن تنغص الحياة ويكدر العيش.
الأمن نعمة امتنها الله على عباده، وما ذاك إلا لعظم هذه النعمة وأثرها البالغ على الفرد والمجتمع والأمة، قال تعالى: {الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ}.
الأمن الذي ترفل به بلادنا وينعم به أفراد المجتمع أمن لا مثيل له في بلاد العالم وما ذاك إلا لتطبيق الشريعة وحماية جانب التوحيد في هذا البلد المبارك.
إلا أنه قد أقض مضاجعنا وعكر صفونا وأبكى قلوبنا قبل أعيينا ما تجرأ عليه بعض أبناء هذا الوطن.. الوطن الذي نهلوا من معينه العذب.. وتنعموا بعطائه الخصب.. في حين كانت الأمة تنتظر برهم فإذا بها تفاجأ بعقوقهم.. وأي عقوق!! في ساعة كان المجتمع يرقب فيهم المساهمة في البناء لهذا الصرح الشامخ فإذا بهم يحملون بوجهه معاول الهدم!! في وقت نما فيه جسد الوطن على التوحيد وحسن الديانة.. فإذا بها أيدي الخيانة.. أيدي الخيانة التي امتدت لتطعن هذا الجسد الطاهر غدراً وغيلة.
إن هؤلاء الذين ما رعوا ما عليهم من واجبات وما لأمتهم عليهم من حقوق.. هذه الفئة الضالة وهم شرذمة قليلون- بإذن الله- خرجوا على الآمة والأئمة، وجاءوا بأفكار غريبة استرضعها لهم أربابهم من أهل الأهواء والضلالات وأصحاب الأفكار والمناهج التي هي من سقط المتاع، والدعوات الزائفة التي تقوم على تفرقة الأمة وجعلها شيعاً وأحزاباً.
ولكننا في بلاد التوحيد وأرض الحرمين- المملكة العربية السعودية- لن نرضى أن تمس كرامة الأمة ووحدة الصف وجناب العقيدة، وسنقف أمة واحدة ملتفين حول ولاة أمرنا- أمراء وعلماء - الذين أقام الله بهم بلاداً إسلامية تحكم بشرع الله وتقيم الدين على الكتاب والسنَّة. حفظ الله لهذه البلاد أمنها.. وأدام عزها.. وأصلح ولاة أمرها، ورد عنا كيد الكائدين، ومكر الماكرين إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير.
سلطان بن محمد العنزي
إمام وخطيب جامع الحميدي بالرياض |