قرأت مقالا عنوانه (رؤية على طاولة معالي وزير التربية والتعليم) بقلم عبدالرحمن السعيد.
وأقدر للكاتب هذا المقال الجيد والمفيد بشأن المشكلات الناتجة عن عملية دمج طلاب ذوي احتياجات خاصة ممن لديهم مشكلات ذهنية مع طلاب التعليم العام في المراحل الابتدائية. وقد تابعت بعض الردود وبعض التجارب والمعاناة وخاصة ما سطرته الأخت نورة البراهيم بتاريخ 9-3- 1425هـ والأخ فهد الناصر بتاريخ 11-3- 1425هـ اللذان تطرقا فيها إلى المعاناة المريرة من هذا الدمج.
عزيزتي الجزيرة في يوم مضى قررت زيارة مدرسة ابتدائية تطبق فيها عملية الدمج لأنني أردت أن أستطلع الأمر عن قرب دون تأثيرات خارجية وحاولت الدخول إلى المدرسة والخروج أكثر من مرة ،ولاحظني أحد المدرسين في المدرسة فسلم علي وقال: هل من خدمة؟ ترددت قليلا بالإجابة. قال:هل من خدمة؟ قلت: نعم.
حكيت له ما قرأته حيال عملية الدمج، وقال: الآن فهمت، ادخل كأنك صديق وزميل لي واصطحبني معه وكانت فترة استراحة للطلاب، دخلت وباختصار حتى لا أطيل على القارئ، وجدت أطفالا صغارا بعيدين عن المقصف، سألهم المدرس: لماذا لا تشترون؟
قالوا: نخاف من طلبة الفكرية وعلى محياهم ملامح الخوف. ثم نظرت إلى ناحية أخرى فلاحظت طالبا بمفرده يبكي، قال لي: المدرس هذا من طلاب ذوي الاحتياج الخاصة ووضعه الصحي أفضل من زملائه، سأله المدرس ما يبكيك؟ رد الطالب بصوت متردد: أولاد يضربونني بالحصى ويعايرونني بكذا...
استمريت بجولتي دون لفت الأنظار الى ورأيت معاناة كثيرة للطرفين. خرجت من المدرسة ومعي صديقي المفترض (المدرس) وانتظرت خارج المدرسة حتى انتهت الدراسة وأتى وقت الانصراف، حاولت مقابلة أحد أولياء أمور ذوي الاحتياجات الخاصة لكنني لم أشاهد أحدا، حيث ركبوا وسيلة نقل جماعية. تهيأت لي فرصة مقابلة بعض أولياء أمور طلاب التعليم العام، تحدثت معهم وأوضحوا لي كثيرا من السلبيات الناتجة عن هذا الدمج ومعاناة أطفالهم.
أعزائي قراء (عزيزتي الجزيرة) اتضح لي من هذه الزيارة مدى الضرر الذي يصيب الفئتين من عملية الدمج وقد أيدني في ذلك صديقي المدرس، لقد استرسل معي بالحديث وروى لي قصصا كثيرة ثم قال لي: يا أخي هناك حافز مادي جيد يصرف شهريا لإداريي المدارس مقابل هذا الدمج، وأنا أرى أن هذا الحافز المادي قد يكون عائقا أمام إعداد تقارير صحيحة 100% ولا أعني بذلك عدم الثقة في إداريي المدارس ولكنها مجرد ظنون لا تتجاوز نسبة ضئيلة أرجو أن تكون في غير محلها.
ومن هذا المنطلق أقترح على الوزارة قطع هذا الحافز المادي إبعادا للشكوك ثم نسأل المدارس عن رأيها في عملية الدمج، وأنا متأكد أن الرأي سيكون واقعيا بعيدا عن أي مؤثرات.
عزيزتي الجزيرة :ان الاستشهاد بالأرقام في نجاح عملية الدمج ليس دليلا على نجاح التجربة لأنها شاملة فئات كثيرة صالحة للدمج، فالاختلاف في وجهة النظر هو فقط حول الذين لديهم مشكلات ذهنية.
عزيزتي الجزيرة أوجه من خلالك نداء لمعالي وزير التربية والتعليم فأقول:
معالي الوزير: الكل يشهد للوزارة بنجاح برنامجها التعليمي ومن ضمنها التعليم الخاص، وأن فكرة دمج فئات ذوي الاحتياجات الخاصة مع التعليم العام فكرة ناجحة لا اختلاف عليها ولكن الاختلاف من وجهة نظري هو دمج من يعانون بعض المشكلات الذهنية في المراحل الابتدائية فلو كان الدمج بعد الابتدائي لحقق الفائدة المرجوة منه وكلنا أمل بأن نسمع قرار معاليكم بإعادة النظر في ذلك لأن هؤلاء الصغار من الفئتين أمانة في عنق معاليكم وأنتم أهل للأمانة وفقكم الله إلى ما فيه الخير لأبنائكم الطلاب.
محمد عبدالكريم الدوسري |