Thursday 6th May,200411543العددالخميس 17 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

إلى متى هذا العبث بأمن هذه البلاد؟!! إلى متى هذا العبث بأمن هذه البلاد؟!!
محمد بن عبدالله العمار /المفش القضائي بوزارة العدل

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.. أما بعد:
فإن مما يحزن القلب السليم أن يستمر أهل الضلال والإفساد في ضلالهم وفسادهم بالرغم من وضوح الرؤية لكل ذي عقل يخشى الله والدار الآخرة، وما أبانه علماء هذه المملكة من حكم هذا العمل في شريعة الله أعني التفجير والتدمير ولبس الأحزمة الناسفة والانتحار بها وتشريك السيارات بالمواد المتفجرة شديدة الانفجار وقتل الأبرياء من المسلمين وغير المسلمين بدعوى الجهاد والاستشهاد.
فاستمرار من تلبسوا هذا العمل الضال وقصدهم إخلال الأمن في هذه البلاد قلعة الإسلام ومهبط الوحي الساهرة على خدمة الإسلام والمسلمين بشرف خدمة الحرمين الشريفين ممن يحج إلى بيت الله الحرام أو يعتمر أو يزور المسجد النبوي ويقصد الصلاة فيه يصدق عليهم قوله تعالى: {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} الآية.
فالمسلم الحق الذي آمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً ورسولاً هو الذي يسلم المسلمون من لسانه ويده وهو الذي لم يصب دماً حراماً ولم يشارك بذلك قولاً أو فعلاً راجعاً للحق إذا تبين له برد الأمر لله ولرسوله كما قال تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ}.
والرد إلى الله إلى كتابه والرد إلى رسوله صلى الله عليه وسلم إلى سنته المطهرة في حكم أي عمل يقدم عليه المسلم.
فليس في دين الله الذي جاء به المصطفى صلى الله عليه وسلم الإفساد في الأرض بالقتل دون وجه حق وبالتدمير والتفجير وبإهلاك الحرث والنسل والتعدي على المال العام والخاص بالإتلاف، ثم يدعي من قام بهذا العمل إنه يجاهد ويطلب الشهادة وجنات الله التي أعدها للمتقين الأبرار.
وشريعة الإسلام جاءت لحفظ الضرورات الخمس وهي الدين والنفس والعرض والمال والعقل، وفعل هؤلاء المفسدين الغالين الخارجين على ولي الأمر هو هدم لهذه الضرورات الخمس وليس لهم حجة في ما يقولونه ويفعلونه بل الحجة قائمة عليهم.
فقد أبان علماء الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها ومنهم علماء هذه المملكة حكم هذا الفعل المخالف للشريعة الإسلامية وقواعده وجزاء من يقوم بمثل هذه الأفعال بل العقلاء من أمم الأرض تمقت هذا الفعل وتستنكره.. فالإسلام رسالته سمحة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما بعثت بالحنيفية السمحة) وبعمارة الأرض والدعوة إلى عبادة الله وتوحيد سبحانه وتعالى وليس بتنفيرهم وإبعادهم عن دين الله كما قال سبحانه وتعالى لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم في محكم تنزيله: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}.. ويقول سبحانه للنبي الكريم موسى وهارون عيهما الصلاة والسلام عندما أرسلهما إلى الطاغية فرعون: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}.
وكذا رسالات الأنبياء والرسل جميعاً عليهم الصلاة والسلام الدعوة بالحسنى والرفق واللين والتبشير وذلك لإخراج الناس من الظلمات إلى النور ومن عبادة العباد إلى عبادة الله وحده لا شريك له.
وليس تنفيرهم باستعمال الشدة معهم فكيف بقتلهم أو ذبحهم أو تفجيرهم بالمواد الشديدة الانفجار والأحزمة الناسفة وتصيدهم بالمخادعة والمخاتلة؟!.. فكل هذا الفعل مهلك للحرث والنسل وهذا لمن كان على الكفر والشرك والوثنية أو يدين بدين سماوي كاليهودية أو النصرانية أو أي ملة غير ملة الإسلام.
فالدعوة إلى توحيد الله وعبادته هي دعوة الرسل كافة وليس إراقة الدماء والترويع بالمتفجرات فكيف بالذي يقتل ويذبح ويفجر المسلمين الموحدين المصلين؟!.. إذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم وأصر على فعله المخالف والمصادم لشريعة الإسلام وأخذ يخطط ويدبر أفعاله المفسدة وتحت جنح الظلام ويعد ما يقوم به جهاد واستشهاد.
وهو بفعله هذا ينفذ خطط أعداء الإسلام ويسهل اختراق بلاد التوحيد.. وأن تأييد مثل هذا العمل في بلاد الإسلام منكر عظيم ومعاونة لغادر على غدره بأمنه ودينه، وطالب العلم أو العالم أو المفكر يزن أقواله وأعماله وما يكتبه ويلفظه بميزان الشرع وما جاء به القرآن الكريم ودلت عليه السنة النبوية المطهرة.
فوالله الذي لا إله إلا هو ولا رب سواه أن من يقوم بهذا العمل الإجرامي ما هو إلا مفسد في الأرض محارب لله ورسوله فكيف يلقى التأييد والتعاطف ممن يدعي العلم أو الفكر بالقول أو بالكتابة أو بإصدار الفتاوى المضلة، فالذي على النهج لهو على خطر عظيم ويخشى عليه في دينه وأن يخلع ربقة الإسلام من عنقه ويموت ميتة جاهلية.
فليس في تأييد أو التعاطف أو التوقف عن عمل هؤلاء الخارجين عن طاعة ولي الأمر بالإفساد في الأرض نصح لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
بل هي دعوة للفتنة في الأرض والفوضى واضطراب الأمن في بلاد التوحيد وتنفيذ خطط أعداء الإسلام لاختراق الجزيرة العربية قلعة الإسلام والدين الحنيف - لا قدر الله-.. فالمتحدث بالكلام لوسائل الإعلام المختلفة بالقول أو بالكتابة في التلفاز أو الصحف أو الإنترنت ويؤيد عمل هذا ويحسّن عمل ذاك ولا يلقى للكلام الذي يلفظه لسانه أو تكتبه يده بالاً يخشى أن يهوي به في نار جهنم، فالحذر الحذر.
ولقد أدمى القلوب السليمة في هذه البلاد الآمنة وغيرها واحزنهم التفجير الآثم الذي وقع في مدينة الرياض يوم الأربعاء الموافق 3-3-1425هـ في مقر الإدارة العامة للمرور الذي ذهب من جرائه شهداء إن شاء الله ومصابون عجل الله بشفائهم ومروعون من الشيوخ والنساء والأطفال سكن الله روعتهم وأذهب عنهم ما يجدون من ألم هذا الحادث وهدّمت من جرائه ممتلكات عامة وخاصة.. وقاصدين به رجال الأمن في هذه البلاد الذين يذودون عن حياضها والدفاع عنها لأنها قلعة الإسلام ومهبط الوحي.
وإن استهداف رجال الأمن في هذه البلاد الذين هم من أهلها ومسلمون ومصلون لهو منكر عظيم يستحق صاحبه العقوبة في الدنيا وفي الآخرة، وليعلم من يقوم بهذا العمل الإفسادي إنه محارب لله ورسوله ولولاة الأمر في هذه البلاد والذين لهم حق السمع والطاعة في غير معصية الله.
وعمل هؤلاء هو سعي في الأرض فساداً تنطبق عليهم آية الحرابة في سورة المائدة وإن عملهم هذا أشنع وأقبح عند الله من عمل فرقة الخوارج.
وإن التعرض لرجال الأمن في هذه المملكة من هذه الفئة الضالة المتربصة المخادعة والمختالة وقتلم وإحداث الإصابات بهم لهو منكر عظيم وتعدٍ وعدوان وفساد في الأرض كبير وفاعله يستحق العقوبة في الدنيا وإقامة شرع الله عليه والعقوبة الربانية في الآخرة.
فرجال الأمن الذين يحرسون هذه البلاد ويحرسون ثغورها ويصابرون ويرابطون ويناوبون هم حراس الإسلام وحراس العقيدة فلا يكون جزاؤهم التربص بهم وقتلهم مخادعة ومخاتلة ووضع الكمائن لهم.
وإن من يقتل منهم وهو يذب عن دين الله وحياض هذه المملكة وهو مشهود لهم بذلك وببذل أنفسهم في سبيل دينهم والدفاع عن وطنهم هم إن شاء الله من الشهداء ومن الأعين التي باتت تحرس في سبيل الله ولا تمسها النار إن شاء الله.
وإنني أهيب بكل ساكن على ثرى هذه المملكة السنية أن يتعاون مع رجال الأمن لأن الأمن في هذه البلاد مسؤولية الجميع وأن يدعو لهم ويساعدهم ويكون معهم يداً بيد وأشد على أيديهم وعلى تحملهم وبذلهم أنفسهم في سبيل الله ومصابرتهم على ذلك وفقهم الله وأعانهم وسدد سهامهم.
وإني في هذا المقال أدعو خطباء المساجد أن يتكلموا عن هذه الفئة الضالة بفقه مقعد وذلك بإلقاء خطب متعددة متتالية لبيان فعل هذا الفكر المنحرف وخطره حتى يحذوه شباب هذه المملكة ولا يقع فيه أحد منهم.
ويحذره أيضاً ممن يتعاطف معهم ويؤيدهم أو يساعدهم ولو بكلمة فمن آوى محدثاً فهو متعرض للعنة الله ما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في الحديث الصحيح.
وحتى يكون لدى سامعي الخطبة وحاضري الجمعة حصيلة من العلم والفقه عنهم وما يقومون به من أفعال محرمة في الشريعة الإسلامية بل هي من كبائر الذنوب اشتملت على عدة مفاسد عظيمة كل مفسدة يجب الحذر منها والتحذير عنها.
كما أنني اطلب من أئمة المساجد القنوت في الصلاة بأن يرفع الله هذه المصيبة والنازلة عن الامة بالرجوع إلى الله بالتوبة النصوح والإقلاع عن الذنوب كبيرها وصغيرها.. فاستمرار فعل هذه الفئة الضالة المنحرفة عن الصراط المستقيم وتنوع أساليبهم ومكرهم في الإفساد في الأرض هو من النوازل التي يصح فيها القنوت بالدعاء عليهم حتى يكف الله شرهم عن الإسلام والمسلمين مع صدق الإلتجاء والتوجه إلى الله سبحانه وتعالى في التضرع والدعاء اليه، والدعاء عبادة وسهام صائبة إذا وفق الداعي وصدق مع ربه استجيب له.. ولا يفوتني في هذا المقال أن أشكر وأدعوا لولاة الأمر لهذه المملكة السنية أن يوفقهم الله ويسدد خطاهم وينصرهم على اعدائهم ويمكنهم في الأرض، فلقد أبدوا حرصهم على أمن هذه البلاد واعتزازهم وتمسكهم بالإسلام عقيدة وشريعة وبذلهم الغالي والنفيس فهم والله أحق بالشكر والدعاء وبالسمع والطاعة وإخلاص العمل معهم.
ولعلماء المملكة على بيان الحق في هذه المسألة والنصح لولاة الأمر في هذه البلاد حق النصيحة والإخلاص في ذلك، فالواجب على كل مسلم في هذه البلاد أو مقيم على أرضها أن يترسم خطاهم ويأخذ بما يصدرونه من بيانات وفتاوى مؤيدة بالدليل من الكتاب والسنة وآثار الصحابة والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.. سائلاً الله أن يجنب هذه البلاد الآمنة المستقرة الفتن وأن يرد كيد أعدائها من المفسدين والمتربصين وأن يحفظ على هذه البلاد دينها وأمنها واستقرارها وولاة أمرها أنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved