أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
{وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء حَتَّىَ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتَّمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً}.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أيما امرئ قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما، إن كان كما قال وإلا رجعت عليه).
اللهم احفظ هذا الوطن لأهله ولضيوفه واحة أمن واطمئنان لا يكدره الفاسدون المفسدون، واغفر اللهم لمن قتل غدراً وظلماً وعدواناً من جنود وأبناء وبنات الوطن وضيوفه.
وأدعو الله أن يوفق جميع القائمين على ثغور بلادنا الأمنية من الجنود البواسل بقيادة رجل الأمن الأول سيدي صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية حفظه الله وسمو نائبه وسمو مساعده.
تتابعت منذ سنة تقريباً أحداث إرهابية أذهلت العقول النيرة وبعثت التساؤل.. كيف يحدث مثل هذا في أرض الحرمين المملكة العربية السعودية التي هي مضرب المثل بالأمن والرخاء وهي تحقيق آية من آيات الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز:
{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ}.
فلم بالله عليكم الكفر بنعمة الله تعالى واتباع الهوى والإيمان بالباطل؟
أليس من نعم الله علينا في هذه البلاد ولله الحمد تمسكنا بأصول ديننا التي لا تخفى إلا على ذي عمى أو مكابر، ونرى دولاً إسلامية وعربية حولنا يقضى فيها على بعض أصول الدين بمنع مظاهر معينة تخص المسلم والمسلمة من لحية للرجل أو حجاب للمرأة، ولا يأمنون على أنفسهم من بطش أو ظلم إن هم أصروا على التمسك بدينهم وفعلوا ما منعوا منه؟ ناهيك عن ندرة مدارس تحفيظ القرآن والجامعات والمعاهد الإسلامية في تلك البلدان وهي التي توجد في جميع أنحاء بلادنا ولله الحمد وتجد كامل الدعم من الدولة والمواطنين.
لماذا لم يقدر أولئك الضالون نعمة الله الكبرى، نعمة العقل الذي نميز به بين الحق والباطل ويستخدمونها لإحياء الناس وليس قتلهم؟، رغم علمهم ان المسلمين أولى من بني إسرائيل بالخوف من عقوبة الله وأحرص على إنفاذ أمره حين قال سبحانه: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا}.
ولم التكفير والدمار بدلا من الحوار والإعمار ويكونوا بذلك مثل إخوانهم من أبناء هذا الوطن الصالحين الذين يبنون بالجد والجهد لمستقبل الأجيال أرضاً صلبة من الثقة وطيب العيش الكريم؟.
لماذا أصبحت الحياة لديهم رخيصة جدا لدرجة تجعلهم يقتلون أنفسهم أو يعرضونها للقتل ولا يستسلمون رغم ما علموا من وعد الرجال، وعد القيادة الأمنية بالسلامة وسمعوا وقرؤوا عن أمثالهم من المطلوبين الذين سلموا أنفسهم؟
لماذا لم تقنعهم تراجعات بعض شيوخهم؟
وما أكثر ما رددت وردد غيري تلك التساؤلات.
ولأنه لا يعرف طعم وقيمة النعمة إلا من نالته يد العلة والبلاء، فإننا نحمد الله على كل حال ونسأله كشف ستر الضلالة واللطف في الابتلاء.. ونقول ما قال ربنا سبحانه: {فَمَا لِهَؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا}.
ولمن قام بتمويل تلك العمليات وتبجح بها من كهوف الظلمة الحسية والفكرية التي يتمرغ بها ويود لو ان كل العالم مثله، نقول له ما قال الله تعالى {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}، فليت أنك حفظت هذه الآية العظيمة من كتاب الله سبحانه وعملت بها وليس بضدها.
ثم انه مما يحز في النفس ان تأتي تلك الأفعال الفاسدة من بعض أبناء هذه البلاد الكريمة التي وصل خيرها مشارق الأرض ومغاربها أوصله بحمد الله رجال خيرين حملوا راية دينهم وبلادهم في يد ومدّوا اليد الأخرى بالعطاء والمساعدة بسمعة نقية شريفة هي أبعد ما تكون من أن يصورهم العالم على أنهم إرهابيين كما هو حال المواطن السعودي الآن حيث أصبح محل ريبة وشك أينما حل حتى في أقرب الدول لنا، والكثيرون من أبناء هذه البلاد من التجار بخاصة الذين لهم تعاملات تجارية مع دول أخرى يعلمون جيداً مدى الصعوبات التي باتوا يواجهونها مؤخراً ليس لشيء ولكن لأنهم سعوديون، فتخيل بالله عليك كيف كنا قبل ثلاث سنين وكيف صرنا الآن بسبب من يقتلون ويدمرون باسم الإسلام فحسبنا الله ونعم الوكيل.
ولأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ان خيراً فخير أو شراً والعياذ بالله فشر، فإن ما حدث من التغير في حياتنا قبل عام مضى كان من الشر والإفساد في الأرض الذي صنعه فكر فاسد ضال مضل دخيل تغلغل في مجتمعنا بعد ان هزم وفضح وسقطت رموزه واختفى أتباعه في دولة مجاورة، فإنه من الواجب على كل مسلم يدين لله بهذا الدين العظيم وينتمي لهذه الأرض المقدسة إنكار ورفض وفضح كل فكر يبرر فعل أولئك المجرمين بأي طريقة كانت فلا منطق ولا عقل يسمح أن يعطي إنسان لنفسه الحق بتبرير الإفساد في الأرض وقتل الأبرياء والعدوان على الحرمات ولا أي فعل مشابه ضد كائن من كان مسلم أو غير مسلم ولأي هدف كان، فذلك العدوان لم يكن عدواناً على مجمعات سكنية أو مباني حكومية أو رجال أمن أو فئات معينة من الناس بل كان خطراً عاماً وشاملاً.
ثم اعلم يا من تحاول ان تبرر فعلهم وتوجد لهم العذر أن ما آذى وقتل غيرك بأفعال سوداء وشاحها الغدر والكراهية وأصلها الجهل والمكابرة والتي كان منها ما حدث في مبنى إدارة المرور بالرياض، فانه لم يكن من المستبعد ان تحدث تلك العملية الإجرامية وقت مرورك بالجوار لوحدك أو مع عائلتك أو كانت تنفذ قريباً من دارك أو حتى مقر عملك أنت فكونك موظف دولة فأنت في نظرهم هدف مشروع، فحين ذاك ابحث عن العذر لهم أو ساهم بما أعطاك الله من موهبة الكتابة في منتديات الإنترنت بتمجيد رموزهم والدفاع عنهم وتبرير أفعالهم تلك التي اسأل الله ان يفشلها دائماً ويرد كيدهم إلى نحورهم..إن المجتمع السعودي المتآلف المتمسك بدينه السمح الذي نعيش جميعاً ضمن تركيبته بتقاليدنا وأعرافنا وقبل ذلك بديننا يجب ان يبقى كما كان وبإذن الله للأبد، ينزعج الفرد منا عندما يسمع في نشرات الأخبار ان فلانا حكم عليه قصاصا لفلان ويضيق صدره عندما يرى بلاداً مسلمة أخرى تحل بها كوارث أو تحدث بها أعمال إرهابية فلا تكن أنت أحد أسباب الفرقة في هذا المجتمع، فإنك حينما تردد ما يشيعه أتباع أولئك المفسدين وتوجد لأفعالهم العذر بكلمة (لو أن) فصدقني أنك تجهلهم وتجهل فكرهم المنحرف الذي يكفر كل فرد يرفض نظرياتهم المسمومة، وكيف أنهم يشيعون بين العامة تلك الادعاءات والمزاعم التي يستغلون بها طيبة قلوب أبناء هذا الوطن وحبه لدينه ويجندونهم بطريقة مباشرة وغير مباشرة ليروجوا لهم ما ليس بحق من الآراء والأفكار والدوافع، فلا تجعل العاطفة تسيطر على منطق العقل لديك وتقنع نفسك بتوجهاتهم الضالة التي ظاهرها غير باطنها.
وليس أدل على فضح بعض من فكرهم المشوش ما رأيته بنفسك من واقع مؤلم حدث ظهر يوم الأربعاء الثاني من ربيع الأول حين استهدفوا المسلمين والآمنين في أعمالهم وبيوتهم وما سبق ان تم تحريزه قبل ذلك من شاحنات محملة بكميات هائلة من المتفجرات الله وحده يعلم اي مكان كانوا ينوون تفجيره وكذلك مقتل رجال أمن الطرق والمجاهدين غيلة وغدراً وإطلاقهم النار على المواطنين في جدة بحجة أخذ سياراتهم للهرب من رجال الأمن الأشاوس وأخيراً ما حدث في ينبع من زعزعة للأمن وقتل الأنفس وتعريض الأبرياء من المواطنين والمقيمين للخطر والقتل.
ففكر قبل ان تبرر ولتكن نظرتك للواقع الذي نعيشه أوسع وأكبر وأشمل، فقد كان المقصود من تلك العمليات في المقام الأول بلادنا ومواطنيها ومكتسباتها وان يضر بطريقة مباشرة بالأمن والاقتصاد والصحة والتعليم لنعود للعيش في عصور الجهل والمرض والفقر والخوف كما أفغانستان التي دمّروها بحجة أنهم يحرروها، فالأمن تأثر ولا يخفى على أحد ما نعايشه بالذات في مدينة الرياض والاقتصاد تأثر بحيث علمنا عن تردد الكثيرين من الشركات ورجال الأعمال دخول السوق السعودية والاستثمار بها، وأما الصحة والتعليم فقد شاهدنا مغادرة كثير من الخبرات الطبية والعلمية في المستشفيات والمدارس والجامعات من مسلمين وغيرهم خوفاً على أنفسهم وعائلاتهم، ومن يلومهم؟؟.
ثم لنجعل من واجبنا تنبيه كل جاهل يردد بدون تعقل أو تفكر مسوغات الأفعال المشينة لتلك الفئة الباغية وتصحيح مفهومه بما نقدر أو الإبلاغ عنه ومحاربة ومقاطعة كل وسيلة يحاولون بها كسب التعاطف من وسائل إعلامية تفتح المجال للمبررين الذين يدسون السم ويبغون الفتنة باسم الحرية الإعلامية وآخرهم - وكلهم آخر - رأس الشر والفتنة قناة الجزيرة القطرية التي تبحث بعد كل خبر عاجل إجرامي عن رموز الإتلاف من المنبوذين كما حال مذيعيها الأصاغر وتهيئ له الفرصة الكاملة لينفس عن سواد فكره ومكبوت قهره في بيته ومجتمعه ومستقر منفاه ويفتح المجال له واسعاً ليقذف حجارة أقواله الساقطة على رأسه إن شاء الله ويتهم نخلة الخير الشامخة المملكة العربية السعودية بشتى الاتهامات التي زرعتها وربتها في صدره أحقاد السنين وكراهية التوحيد الذي بنيت عليه هذه الدولة، دولة التوحيد ونبذ البدع والشركيات.
وخذ مثالاً من قناة الجزيرة القطرية، حين وضعوا خبراً عاجلاً عن حصار قوات الأمن للإرهابيين في جدة قبل أيام ماذا كتبوا؟ والله لقد كتبوا (مقتل ثلاثة من رجال الأمن السعوديين!!!!) فانظر إلى قلب الحقائق.
ألا أيها المساكين حسبكم أن تعلموا.....
(ذاك وطني، أشرف الدنيا مكانا
وأعزها مجداً وأكرمها إنسانا)
وأختم بالقول انه ليس هناك في الدنيا دولة لا توجد بها مشاكل اجتماعية أو اقتصادية وسياسية، فليت ان من يضخم ويعدد المشاكل اليومية العادية التي قد تواجهه في المجتمع يفكر ويحاول البحث عن حل لمشكلته أكثر من مرة ويطرق أكثر من باب بدلاً من محاولة تعميمها ليقوم الحاقدون بالتفنن في تحويرها وتأويلها بأساليبهم الملتوية وعبر سراديبهم الإعلامية ليتلقفها المواطن السعودي العادي ويبدأ بإقناع نفسه أن هناك فعلاً مشكلة اجتماعية عامة من هذا النوع ويحمل وزرها للدولة.
اللهم احفظ علينا ديننا وإيماننا وأمننا واحفظ اللهم بلادنا وولاة أمرنا وعلمائنا وارزقهم اللهم البطانة الصالحة التي تعينهم على ما فيه خير وصلاح هذه الأمة.
واحفظ اللهم جنودنا البواسل من رجال الأمن الذين مهما تشرف القلم بالكتابة عن بطولاتهم وتضحياتهم فلن يصف جزءاً صغيراً جداً من تلك البطولات والتضحيات.
واحفظ اللهم كل مواطن ومواطنة ومقيم ومقيمة في هذه البلاد المباركة يسعى لقوته وقوت عياله بخدمة هذه البلاد ومجتمعها بما يرضي الله سبحانه.
واصرف اللهم عنا وعن بلادنا شر الأشرار وكيد الفجار وفتن الليل والنهار.
|