سلامٌ على فارسٍ قد رَحَلْ
وأدمى القلوبَ وأبكى المُقَلْ
سلامٌ على الفَذِّ عبد السلام
بعِطرِ الوُرودِ وقَطْرِ الظُّلَلْ
يَطيفُ على حُفرةٍ قد حَوَتْ
كريمَ الصفاتِ بجسمٍ ذَبَلْ
ويَسكبُ دَمْعَ الجَوى عَبرةً
كجُودِ السَّحابِ إذا ما هَطَلْ
أخو مِرَّةٍ قد نما واستوى
وكادَ وقاربَ نَيْلَ الأملْ
كزرعٍ تَهادى على سُوقِه
فبَادرَه الحَصْدُ لمّا استَقَلْ
سَلوا مِنبرا كم علا عُودَه
بسِحر البيانِ سَما واستَهَلْ
أبانَ الشرائعَ مَجلوَّة
وبَدَّدَ بالعلمِ لَيْلَ الجُهَل
يذودُ حِمى مِلّةِ المصطفى
فيَطرُدُ زَيْفَ الهوى والنِّحَلْ
كريمُ الأيادي سَكوبُ العطاء
وشَهْمٌ إذا قال يومًا فَعَلْ
ولكنْ تَرحَّلَ فى غفلةٍ
فما مِن وداعٍ وما مِن قُبَلْ
وأورثنا حُرْقةً مُرّةً
لَظاها تَبَدَّى كشَوْظِ الشُعَلْ
فيا صبرُ أنجِد فُؤادا ذَوَى
فرِزْءُ المُصابِ كوَقْعِ الأسَلْ
هوَ الموتُ يُفسِد طعمَ الحياة
ويَنقُضُ غَزْلَ الفتى إنْ كَمُلْ
ويَصدَعُ بالبَيْنِ شَمْلَ الرِّفاق
فيُقصي الغريبَ إذا ما وَصَلْ
ويَفجعُ بالغَضِّ غَضِّ الإهاب
ويَطوي الصحيحَ وما مِنْ عِلَلْ!
إذا حلّ روضا جنى زهرَه
وألقى على الحُسْنِ رَهْبَ الطَّلَلْ
وما ثَمَّ إلاّ الرضا بالقضا
فمَنْ ذا يصدُّ هجومَ الأجَلْ!
فرُحماك ربِّي بعبد السلام
فقد كان في اللهِ نِعْمَ الرَّجُلْ
وأسكِنه يا ربَّنا جنّةً
وأسبِغ عليه حَريرَ الحُلَلْ