Thursday 6th May,200411543العددالخميس 17 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

قراءة في فعاليات ندوة العولمة وأولويات التربية قراءة في فعاليات ندوة العولمة وأولويات التربية
د. محمد سالم

على مدى ثلاثة أيام متتالية، وفي رحاب جامعة الملك سعود، وبرعاية من معالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد بن محمد العنقري، وبتنظيم رائع من مهندس الندوات التربوية الدكتور عبد الرحمن الطريري عميد كلية التربية، عقدت ندوة العولمة وأولويات التربية نوقش خلالها أربعة وأربعون بحثاً وورقة عمل خلال ثماني جلسات، وفي ضوء ما تضمنته البحوث وأوراق العمل ومداخلات الحضور ومناقشاتهم يمكن استخلاص مايلي:
- إن مصطلح العولمة مازال حديثاً ولم يتبلور حوله معنى مستقر وثابت، فبعضهم يحصره في الدور الاقتصادي وما يقوم عليه من هيمنة النظام الرأسمالي على أسواق العالم وطاقاتها وثرواتها للسيطرة عليها باسم النظام العالمي الجديد، وليس له من المشترك الإنساني شيء وإنما هو سيطرة للقطب الواحد الذي يملك المعلومة، ويملك التكنولوجيا، وأدوات الاتصال وبالتالي يتحكم في العالم، وما يستدعي هذا التحكم من الهيمنة السياسية، كغطاء لابد منه لحركة الاقتصاد.
_ إن المفاهيم المتعددة المطروحة للعولمة من خلال البحوث والدراسات وأوراق العمل التي قدمت للندوة
وإن اشتركت أو تجاوزت في بعض معانيها إلا ان الناظر إليها في معظمها، يرى أنها تنطلق من خلفيات ثقافية، واتجاهات سياسية، وانحيازات أيدلوجية لأصحابها فهذه المفاهيم في مجال العلوم الإنسانية، من الصعب جداً أن تبرأ من الانحياز وأن تُعرف تعريفاً جامعاً مانعاً محايداً.
- يوجد شبه إجماع في كتابات الباحثين على أن العولمة ليست شراً كلها، فقد فتحت آفاقاً إيجابية وميادين للتنافس ويسرت وسائل للوصول إلى الآخر، ومكنت من فتح آفاق ومجالات للحوار، وقدمت فرصاً وإمكانات سوف تخرج الكثيرين من رقادهم وتمكن من الاستجابة للتحدي والنهوض.
_ أكدت البحوث والدراسات وأوراق العمل على أن القيم الإسلامية بما تحمل من خصائص وصفات مؤهلة
للإنقاذ، والانتشار، وأداء الدور الغائب، لأن القيم والمعايير التي تضبط مسيرة رسالة الإسلام وتحكم وجهتها وتحدد أهدافها مستمدة من مصدر خارج عن وضع الإنسان.
- تبين من البحوث والدراسات وأوراق العمل أن مواجهة الغزو الثقافي لقوى العولمة يجب ان تؤسس على ثوابت الهوية العربية الإسلامية وسماتها الإيمانية والحضارية الجامعة، وأن تُسلح بعقلية انفتاحية على كل منجزات الفكر والعلم والتكنولوجيا، تقرأها قراءة نقدية. وتتفاعل معها لتطويعها بما يتناسب مع قواعد وضوابط فكرنا فلا نرفضها بداعي الخوف والعداء لكل ما هو أجنبي، ولا نذوب فيها بتأثير عقد النقص تجاه الآخرين.
- وقد تبين من البحوث والدراسات وأوراق العمل أن العولمة واقع لا يجدي معه أسلوب الرفض التام فهو تيار بدأ بالمجال الاقتصادي وامتد إلى المجال السياسي والمجال الثقافي وهذا الواقع يُعد حقيقة ماثلة أمامنا لا مجال لإنكارها.
- ترى بعض البحوث أنه على الرغم من ان العولمة مفروضة على المجتمعات البشرية فإن إيجابياتها تدفعنا إلى التنبوء المستقبلي بعولمة الأخلاق الدينية وبداية التاريخ الجديد لفلسفة الأخلاق والعالمية الجديدة المبنية على مناهج موضوعية أساسها المعاملة والتفاهم بين الشعوب.
- وتؤكد البحوث والدراسات وأوراق العمل على الدور الفعال للشبكة العالمية للمعلومات لتوفير المعلومات المختلفة للتعليم والباحثين لغرض تعزيز التعليم والتعلم, التي بدورها تسهم في خلق الأفراد المبدعين القادرين على الابتكار في المجالات المختلفة.
- تبين من البحوث والدراسات وأوراق العمل أن التعليم الإلكتروني من عصر العولمة يدعو إلى متابعة المستجدات التقنية وما يتعلق منها بالاتصالات واستغلالها لتطوير عمليتي التعليم والتعلم وتطوير مهارات استخدام التقنيات لدى المعلم والمتعلم.
- ويتضح من البحوث والدراسات ان للمدرسة دورا مهما في مواجهة مخاطر العولمة والحفاظ على قيم المجتمع الإسلامي السامية وإرشاد الطلاب وتوجيههم نحو التوافق مع المتغيرات التكنولوجية والتعامل مع أدوات عصر العولمة.
- ترى بعض البحوث والدراسات وأوراق العمل أن النظم التربوية العربية تفاعلت مع العولمة مظهرياً فأفادت من معطياتها العلمية والتكنولوجية والتنظيمية الكثير حتى غدت وكأنها نظم تربوية محدثة رغم أنها في فلسفتها وأهدافها وطرائقها تعود إلى مرحلة ما قبل الحداثة ولم تدخل بعد العصر العولمي.
- تشير الأدبيات التربوية التي عكستها البحوث والدراسات إلى تنامي أدوار المعلم بشكل مطرد وتغيرها بدرجة أكبر مما ألفناه في الماضي نتيجة متغيرات عديدة، ومن أهمها المتغيرات التكنولوجية المنبثقة من ثورة المعلومات.
وأخيراً تشير بعض البحوث والدراسات إلى ان العالم بحاجة إلى أن يُعاد بناؤه على أسس إيمانية ربانية وسلوكيات أخلاقية مغايرة لما هو عليه الآن، عالم يبتعد عن الوضعية العلمية وصلفها الفكري ويتحول عن البراجمانية ونفعيتها قصيرة النظر، ويرفض ذاتية ما بعد الحداثة وقد اقتربت من حد الفوضى التي يمكن أن تورد الحضارة الحديثة مورد الهلاك.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved