بكتكُ عيون بالدِّما وقلوبُ
وصاحَ بنا النَّاعي فقيلَ كذوبُ
فلَّما تيقنّا لممنا رُؤُوسنا
وسَالت دموعٌ فالخدودُ غُروبُ
فودعك الأحبابُ ملءَ عيونهم
دموعٌ وأحشاء بهنَّ لهيبُ
أتتهُ المنايا مسرعاتٍ لحتفهِ
كذلك نسعى والمنونُ تصيبُ
فلهفي على من غابَ كيف أزورهُ
وقد صارَ تحتَ الترب وهو سليبُ
لقد بقيتْ في وجهه السَّمحِ ضربةٌ
وإنَّ لقلبي بعدها لعطيبُ
وأبقتْ بجوفي حسرةً لن تزيلها
سنونٌ تتالى والزَّمان رحيبُ
فان أسلُ يوماً هيُجتني لذكره
ملماتُ دهرٍ تبتدرْ وكروبُ
أُهيلُ عليه التربَ والدمعُ واكفٌ
وكلٌّ إلى لحدٍ نراهُ يؤوبُ
كفانا به منْ واعظٍ ثم زاجرٍ
فحتى متى عن غيِّنا سنتوبُ؟
مضى طاهرَ الأثوابِ عفّاً لسانُهُ
كريمٌ إذا نادى الضيوفُ يجيبُ
يقابلُ من لاقاهُ بالبشر دائماً
كذا دأبُه ما قيلَ قطُّ قطوبُ
سليمٌ من الأهواء عذبٌ لسانهُ
حليمٌ عن العوراء وهو أريبُ
مضى في طريق الموتِ دون أشُدِّهِ
فلم يجرِ بين العارضين مشيبُ
بكاهُ بظهرِ الغيب من لا يودُّهُ
كما قد بكاهُ صاحبٌ وقريبُ
نؤمِّلُ فيه أنْ يسود زمانهُ
ولو مُدَّ في عمرٍ لقيلَ مصيبُ
إذا ما جرى السَّاعونَ نحو كرامةٍ
سيدركها من قبلهم ويثوبُ
حكيمٌ أصيلُ الرأي يُؤخذُ رأيهُ
إذا ما مُلِمّاتٌ جرتْ وخطوبُ
وأبقى لهُ ذكراً بما كان خطَّهُ
يراعٌ لأرواح البغاةِ نهوبُ
ولامستِ الآذانَ منهُ جواهرٌ
ألانتْ صخوراً فالقلوبٌ تذوبُ
سلامٌ عليه ما توضأ مسلمٌ
وما قام فوقَ المنبرين خطيبُ