إن من نعمة الله علينا جميعاً ما نعيشه ونشاهده من إقبالٍ مباركٍ على كتاب الله تعالى تعلماً وتعليماً، وانتشارٍ واسعٍ لحلقات تحفيظ القرآن الكريم التي يتخرّج فيها سنوياً أعدادٌ كبيرة من حفظة كتاب الله تعالى.
وإن من تمام النعمة أن تقام المسابقات العلمية في حفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره، في مختلف النواحي على تباين مستوياتها، والتي لا يخفى دورها في الدعم والتشجيع على حفظ القرآن الكريم.
ومن أشهر هذه المسابقات وأهمها على مستوى المملكة المسابقة المحلية التي تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد سنوياً على جائزة الأمير سلمان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم للبنين والبنات، هذه المسابقة الكبرى التي لا يفوقها إلا المسابقة الدولية لحفظ القرآن الكريم التي تنظمها المملكة سنوياً في مكة المكرمة.
وإنني من خلال مشاركتي كعضو في لجنة التحكيم بالمسابقة - بل وحتى قبل المشاركة - لألمس من هذه المسابقة الرائدة جملة من النتائج الطيبة والأهداف النبيلة المباركة التي تحققت ولا تزال في ازدياد بتوفيق الله تعالى، ومن تلك النتائج والأهداف الظاهرة:
- الانتشار الواسع لحلقات تحفيظ القرآن الكريم في جميع أنحاء المملكة، والإقبال الكبير على حفظ كتاب الله تعالى، بما لم يُشهد له نظيرٌ في الماضي القريب.
- وانبعاث روح الجدّية والتنافس النافع في مجال حفظ كتاب الله تعالى وتجويده، وهذا مما لا يخفى على الجميع.
* غير أن من آثار هذه المسابقة الرائدة ما هو أعمق وأعظم، ألا وهو:
- النقلة الكبيرة في مستوى التلاوة لدى حفظة كتاب الله تعالى والدارسين له على وجه العموم، نتيجة للتنافس في دخول هذه المسابقة.
- والوعي الكبير لدى طلاب القرآن الكريم وحفّاظه بأهمية تجويد القراءة وإتقانها، والحصول على الإجازات العلمية فيها من المقرئين المعتبرين.
* هذا وإن من الآمال العظيمة في نفسي - للتطوير والتجديد في هذه المسابقة - أن يكون للقراءات القرآنية جانب فيها، ولو بتخصيص فرع لها إضافة إلى الفروع الحالية، وذلك لما تشهده المملكة مؤخراً بفضل الله وتوفيقه من انتشار لعلم القراءات عبر قنوات عديدة، كالأقسام المتخصصة للقراءات وعلومها، في الجامعات وكليات المعلمين، وكمدارس تحفيظ القرآن الكريم، إضافة إلى الوعي بها على مستوى الخاصّة والعامّة، وذلك عبر وسائل عديدة منها ما سبق ذكره من الجهات التي تدرّسها، وكذلك ظهورها في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية.
وقد تولت وزارة الشؤون الإسلامية بجهودها المباركة من خلال مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة النبوية تسجيل عدد من المصاحف بروايات مختلفة وبعض تلك المصاحف يُذاع في إذاعة القرآن الكريم، وكذلك ظهور مصاحف منه لروايات عديدة.
وختاماً أسأل الله تعالى للجميع التوفيق لخدمة كتابه العظيم وأسأله سبحانه أن يجزي القائمين على هذه المسابقة خير الجزاء، وأن يكتب لهم العون والسداد، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
( * ) عضو لجنة التحكيم بالمسابقة/أستاذ القراءات بجامعة أم القرى |