لا شك أن تنظيم مثل هذه الندوة، والتي تستهدف بالأساس بحث سبل ووسائل العناية بالسنة النبوية المطهرة، والسيرة العطرة أمر يستحق الإشادة والتقدير، فما أسمى الهدف، لكن ما هي وسائل تحقيق هذا الهدف الجليل ؟
إن العناية بالسنة المطهرة لا تتم بمعزل عن معرفة واقع وحال السنة في هذا العصر، وما يثار ضدها من شبهات من قبل أعداء الإسلام، ومن سار على نهجهم من المحسوبين على هذا الدين الحنيف، كذلك الوقوف على أخطاء بعض الفرق والجماعات الإسلامية التي تتشدق بحب الرسول صلى الله عليه وسلم، وتتغنى بهذا الحب، وتتاجر به بصور شتى، تسيء للسنة والسيرة، وتخلط بينهما وبين خزعبلات وخرافات لا أساس لها، ولا سند.
وبعد الوقوف على واقع السنة والسيرة، تكون العناية بهما، وهو ما نأمله ونتوقعه بقدر كبير من التفاؤل من هذه الندوة الدولية، والتي يجتمع لها كل مقومات النجاح من حيث المشاركين فيها من العلماء والأكاديميين، والمختصين بعلوم السنة والسيرة من مختلف أرجاء العالم الإسلامي.
وأول ما يجدر الإشارة إليه في تطلعاتنا للعناية بالسنة والسيرة، هو التوصية بأن تكون مهمة الرد على ما يثار ضد السنة والسيرة من شبهات للمختصين فقط، وفق خطة علمية تعي طبيعة العصر، والوسائل المناسبة لمواجهة الحملات العدائية، بعدما ثبت أن الحماس وحده دون العلم لا يكفي لأداء هذه المهمة، فكثير من المسلمين المتحمسين أساءوا للسنة والسيرة، وهم يحاولون الدفاع عنهما، لأنهم لا يمتلكون العلم ولا الأدوات والأدبيات والتصورات الكافية لذلك، ومن الأهمية بمكان أن توصي الندوة بأن تتولى أقسام الحديث بالجامعات الجانب الأكبر من هذه المهمة، وبيان جوانب الإعجاز والعظمة في السنة والسيرة، ومدى قدرتهما على علاج المشكلات المعاصرة للأمة، بما في ذلك المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأخلاقية، على أن تشمل خطة الرد تحقيق وتوثيق كتب ومراجع الحديث، وبيان الأحاديث الضعيفة والموضوعة، ليكون الناس على علم بها لكيلا يستغلها أعداء الإسلام في المزيد من التطاول والتشكيك في السنة المطهرة.
ومن الآمال المعقودة على الندوة أن توجه الدعوة لأقسام الحديث الشريف والسيرة بالجامعات لتشجيع طلاب الدراسات العليا لتقديم أطروحاتهم للماجستير والدكتوراه في بيان مكانة السنة المطهرة، ورد الشبهات عنها تأليفاً وتحقيقاً، فما أحوجنا لذلك في الفترة المقبلة !!
|