يمكننا أن نصف سوق الأسهم السعودية بأنها أكبر سوق مال شرق أوسطية، وأكثرها تداولاً يتم التعامل فيها يومياً بما يقارب العشرة آلاف مليون ريال، المستثمرون يتبارون فيها بمضاربات تعاملية على أرباح وأصول المؤسسات والشركات الإنتاجية المختلفة التي توفر جميع احتياجاتنا الاستهلاكية والتصنيعية والتي تقود في نفس الوقت عمليات النمو والتجديد. الملاحظ في التغيرات الإيجابية للسوق هو انه لم تعد عملية تقويم الأسهم السعودية بالنسبة للكثير من المتعاملين تعتمد على أرباحها السنوية أوعائدها وإنما تعتمد بشكل أساسي على الحركات المستمرة في الأسعار، يقوم خلالها معظم المتعاملين بشراء او بيع كميات كبيرة من الاسهم في السوق. وحالة عدم التوازن التي تظهر بين الحين والآخر إنما تنشأ إما بسبب زيادة اوامر الشراء فترتفع الاسعار، وإما العكس في حالة زيادة اوامر البيع فتنخفض اسعارها. واصبح ارتفاع أو تراجع الأسعار الذي يحدث عادة بسبب الأخبار المثيرة غالباً ما تجعل المستثمرين يولون اهتماماً كبيراً بالتقلبات قصيرة المدى كما حدث قبل اسبوع مضى، بينما يتجاهلون الاحتمالات الطيبة على المدى البعيد. ولقد توقعنا في مقالة سابقة قبل خمسة أسابيع بأن السوق سوف تشهد ارتفاعا في أسعار معظم الأسهم بدون استثناء، وأن المؤشر سوف يرتفع حينئذ من 5000 نقطة إلى 5500 نقطة. وتم ذلك فعلا إن لم يكن تعداه بعد ثلاثة أسابيع من كتابة المقالة والتي كتبت بناء على عدة معطيات جيدة ذكرناها آنذاك. اليوم وبعد فترة تصحيح قصيرة العمر الأسبوع الماضي والتي انخفض فيها المؤشر بنسبة لا يعتد بها (3%)، نؤكد مرة أخرى على مدى الثقة التي يحظى بها سوق الأسهم السعودية. وقد أعرب كثير من المتداولين عنها بأنها كانت فترة تصحيح قصيرة مقارنة بما عرفوه سابقا، واعتبرت بأنها فترة تصحيح عابرة سريعة وخاضعة لعوامل شخصية ورغبات فردية كالخوف او الطمع أكثر من أي شيء آخر، حيث ان معظم المضاربين للأجل القصير ينصب جل همهم وفي المقام الأول على زيادة رؤوس أموالهم التي تطرأ من خلال فوارق سعر السهم في السوق، والذي يشكل بالنسبة لهم الجانب الأكبر من أرباحهم في محفظتهم الاستثمارية. ومع بداية هذا الأسبوع عاش السوق حالة من الثقة غير اعتيادية أدت إلى ارتفاع مفاجىء لأسعار معظم أسهم الشركات ارتفاعاً مضطراً، فيما وصل البعض منها إلى أكثر من 100% عما كانت عليه قبل أسبوعين ماضيين (المواشي مثلاً)، وإذا ما استمر تصاعد المؤشر على حالة الثقة هذه فإنه من المتوقع أن يتعدى المؤشر 6000 نقطة إن شاء الله إن لم يكن أكثر. ومن أهم المسببات لهز التوقع الايجابي نمو العوائد وتدفق السيولة إلى السوق عقب انتشار أخبار مثيرة جديدة منها أخبار تحديث نظام السوق وطرح أسهم لبنوك جديدة، وطرح اسهم شركات في قطاعات مختلفة للاكتتاب العام، وأخبار مشجعة عن قرب السماح لمشاركة الأجانب بالتداول في الأسهم السعودية، وكذلك تجزئة الأسهم في وحدات مالية بسيطة في حدود 10 ريالات. واذا ما أضفنا الإعلانات الجيدة في الربع الأول من توزيع أرباح ومن منح أسهم مجانية وارتفاع معدلات الأرباح في بعض الشركات إلى 40% وما أظهرته البيانات المنشورة محلياً بأن هناك ارتفاعاً قوياً في عرض النقود، وصل إلى أكثر من 10% ووصول الودائع المالية إلى 27 مليار ريال للعام الماضي فإن مؤشر الأسهم السعودية في ارتفاع متواصل ولا أدنى شك في هذا.
|