* القاهرة - مكتب الجزيرة - عبد الله الحصرى:
في محاولة إسرائيلية مكشوفة لصرف الانتباه عن ترسانتها النووية قاد اللوبي اليهيودي حمله تشوية وتموية عبر صحف ومراكز ابحاث اجنبية مشبوهة على البرنامجين النووين الايراني والسعودي ورغم الشك الكبير في وجود برنامج تسلح في ايران وعدم وجود برنامج من الاساس في المملكة العربية السعودية الا ان المزاعم الإسرائيلية لا تتوقف وتستمر حملة الافتراءات على الدول العربية والاسلامية غير أن الحقيقة الماثلة للعيان تبقى وهي ان اسرائيل تريد صرف الأنظار عن ملفها النووي كلما جاء ذكر اسمها. فاسرائيل تمتلك 200 إلى 500 قنبلة نووية حرارية وأنظمة عسكرية ومعدات عسكرية متطورة، واحتلت اسرائيل مكان بريطانيا كخامس اكبر قوة نووية في العالم، وهي حالياً تنافس فرنسا والصين، بكمية وتطوير ترسانتها النووية. ومنذ حرب الخليج 1991، وبينما كانت أمريكا تركز على التهديد الذي تشكله أسلحة الدمار الشامل العراقية، تجاهلت تماماً حيازة إسرائيل لهذه الأسلحة، رغم أنها سبب ومصدر المشاكل في المنطقة. فعبر امتلاك أسلحة كيماوية وبيولوجية ( جرثومية) وترسانة نووية متطورة بشكل كبير جداً، إضافة إلى امتلاك استراتيجية عدوانية هجومية لاستخدام كل هذه الاسلحة، تشكل إسرائيل تهديداً حقيقياً للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط، حيث يمثل البرنامج النووي الإسرائيلي عائقاً خطيراً أمام عملية نزع الأسلحة النووية ووقف انتشارها. وتُعتبر اسرائيل، إضافة للهند وباكستان، أهم القوى التي تدخل سباق التسلح النووي.
وقد كشف مردخاي فعانونو، خبير الذرة الإسرائيلي الذي كان يعمل في مفاعل ديمونة، عن برنامج إسرائيل النووي للعالم، بتهريب مجموعة من الصور الفوتوغرافية والمعلومات العلمية القيمة خارج إسرائيل.
وكشفت الوثائق شديدة السرية التي أظهرها فعانونو النقاب عن أن اسرائيل تملك حوالي 200 قنبلة نووية مصغرة متطورة. وأن قدرة مفاعل ديمونة، تزايدت عدة أضعاف وأن إسرائيل كانت تنتج كميات يورانيوم تكفي لصنع اثنتي عشرة قنبلة في السنة الواحدة. وكما هو متوقع تجاهلت إسرائيل المعلومات التي كشفها فعانونو في وسائل الاعلام العالمية، وخاصة في الولايات المتحدة، واستمرت إسرائيل تتمتع بحرية العمل بخصوص وضعها النووي. ان ترسانة إسرائيل من أسلحة الدمار الشامل الركن الأساسي في ترسانة إسرائيل النووية هي (القنابل النيترونية) وهي قنابل نووية مصغرة مصممة لتنشر أكبر مقدار من أشعة جاما القاتلة، دون أن تكون لها آثار تدميرية على البناء، أي أنها تنشر الاشعاع بحيث يقتل الناس ولا تؤثر على سلامة الأبنية.
وتتضمن كذلك صواريخ بالستية وقاذفات قادرة على الوصول لموسكو،وصواريخ كروز وألغام (زرعت إسرائيل في الثمانينيات ألغاماً أرضية نووية في مرتفعات الجولان) وقذائف مدفعية بمدى 45 ميلاً. وفي يونيو 2000 أطلقت غواصة إسرائيلية صاروخ كروز أصاب هدفه على بعد 950 ميلاً جاعلاً اسرائيل ثالث دولة في العالم تمتلك هذه الامكانيات بعد الولايات المتحدة وروسي.
وسوف تجهز اسرائيل ثلاثاً من تلك الغواصات بحيث تحمل كل منها 4 صواريخ كروز.
الأسلحة النووية الإسرائيلية
يفيد تقرير عسكري أمريكي صدر مؤخرا أن إسرائيل تمتلك أكثر من 400 قنبلة نووية؛ بينها قنابل هيدروجينية، وأن حجم الترسانة النووية الإسرائيلية يبلغ ضعف حجم التقديرات الاستخباراتية الشائعة التي كانت تتحدث عن 200 قنبلة نووية إسرائيلية، ويتحدث التقرير عن أنه كان لدى إسرائيل عام 1967م خمس عشرة قنبلة نووية، وأنها امتلكت عام 1980م نحو 200 قنبلة، ولكن إسرائيل تمكنت من تجميع أكثر من 400 قنبلة نووية حتى عام 1997م، غير أن أهمية التقرير تتمثل حقيقة في توصيف نوعية هذه القنابل.
وجاء في التقرير أن الطبيعة السرية للمشروع النووي الإسرائيلي قد أخفت المشكلات المتزايدة للمفاعل النووي الإسرائيلي العجوز في ديمونة، وربط بين هذه المشكلات واستمرار المفاعل في إنتاج التريتيوم لتعزيز قوة الرؤوس الحربية للقذائف المضادة للدروع والمضادة للطائرات.
ورأى التقرير أن للأسلحة النووية الإسرائيلية غرضاً آخر هو استخدام هذه الأسلحة للضغط على الولايات المتحدة، كما أن الدولة اليهودية تستخدم وجود هذا السلاح لضمان استمرار تدفق الأسلحة التقليدية الأمريكية إليها.
وخلص التقرير إلى أنه بصرف النظر عن أنواع الأسلحة النووية الإسرائيلية وأعدادها؛ فإن الإسرائيليين طوروا منظومة معقدة، وغدوا قوة يعتد بها. هذا اضافة الى الاسلحة الكيمائية والبيولوجية.
هل تمتلك السعودية السلاح النووي؟
من المفارقات أنه في الوقت الذي بدأت فيه الدول العربية حملة مكثفة على البرنامج النووي العسكري الإسرائيلي في المؤتمر الأخير لوكالة الطاقة الذرية الذي عُقد في سبتمبر 2003 (فشلت الحملة)..
بدأت حملة (تشويه وتمويه) موازية عبر صحف ومراكز أبحاث أجنبية مشبوهة على البرنامجين النوويين الإيراني والسعودي، رغم أنه لا يوجد برنامج تسلح في الأولى ولا يوجد برنامج أصلاً في الثانية!!
وقد استمرت حملة (الافتراء) على الدول العربية والإسلامية (غير النووية)، في الوقت الذى أُجهضت فيه حملة (فضح وكشف الأسرار) التي بدأها العرب مؤخرا على برنامج الدولة (النووية) الوحيدة في الشرق الأوسط (إسرائيل)، وتم إنهاء الجدل حولها في أسرع وقت ممكن.. وهو ما يؤكد أن الهدف ليس إلا مزيدا من الضغط على الدول العربية والإسلامية!
ففي الثامن عشر من سبتمبر2003 زعمت صحيفة (الجارديان) البريطانية أن السعودية تفكر في شراء أسلحة نووية بسبب الأوضاع المتوترة في الشرق الأوسط، زاعمة أن تقريرا إستراتيجيا يُدرس على أعلى المستويات في الرياض يتضمن 3 خيارات: أولها شراء أسلحة نووية بهدف الردع. أما الخياران الآخران فهما التحالف أو الإبقاء على تحالف مع قوة نووية يمكن أن تقدم حمايتها للمملكة أو محاولة التوصل إلى اتفاق إقليمي لإزالة الأسلحة النووية من منطقة الشرق الأوسط بأسرها. والأكثر غرابة أن (الجارديان) وصفت التوجه السعودي الجديد (غير المؤكد) بأنه خطر على جهود منع انتشار أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط.
واتهمت إيران بامتلاك برامج نووية، لكن الصحيفة أغفلت الخطر الذي تمثله الترسانة النووية الإسرائيلية التي لا تخضع لأي تفتيش أو مراقبة دولية!
ورغم التأكيد السعودي بأنه ليس لديها أي خطط لتطوير أسلحة نووية، وأن المملكة العربية السعودية لا تدرس امتلاك قنبلة نووية أو سلاح نووي من أي نوع.
ولا يوجد برنامج للطاقة الذرية في أي جزء من المملكة، وقول دبلوماسي على صلة بأوساط الوكالة الدولية للطاقة الذرية لرويترز في فيينا:
إن الوكالة ليس لديها أي معلومات تدعم ما جاء في مقال (الجارديان).. فإن مانشرته (الجارديان) وغيرها من الصحف والدوريات الغربية أعاد فتح ملف التسلح السعودي في الأوساط البحثية الأمريكية بدعم واضح من اللوبي الصهيوني ودعوات لمزيد من التشدد مع السعوديين، والمصادفة أن أغلب من فتح الملف كانت مراكز أبحاث لها علاقات واضحة بالمسيحيين المحافظين في إدارة بوش أو اللوبي الصهيوني بشكل واضح!
شائعات عمرها 20 عاماً
والحقيقة أن هناك شائعات تتردد منذ 20 عاماً؛ مفادها أن المملكة تريد أن تمول الأبحاث الذرية وتطوير الأسلحة النووية في باكستان، أو أن السعودية أرسلت فريقا أمنيّا إلى باكستان قبل 4 أعوام لزيارة منشآتها النووية السرية، وشائعات أخرى تقول بأن السعوديين تلقوا تقريرا من عبد القادر خان المعروف بأبي القنبلة النووية الباكستانية، أو أنهم عرضوا شراء قنبلة نووية باكستانية، وكلها أخبار ثبت عدم صحتها على لسان الباكستانيين أنفسهم.
كما أن قصة ما يسمونه (البرنامج النووي السعودي المحتمل) ظلت تراوح مكانها وتظهر للعيان كلما اشتد الضغط على البرنامج النووي الصهيوني، كنوع من التمويه وإخفاء جسم الجريمة الحقيقي في إسرائيل وبدعم كامل من الولايات المتحدة الأمريكية، حتى إن نشرة (اتحاد علماء الذرة الأمريكيين) ذكرت أواخر عام 2001 أن الولايات المتحدة تصرفت مع القدرات النووية الإسرائيلية طوال السبعينيات والستينيات بإهمال وبتحليل خاطىء في ظل نجاح إسرائيل في التضليل؛ فعجزت عن إدراك أبعاد المشروع النووي.
وقالت بأن الولايات المتحدة لم توافق ولم تشجع إسرائيل على مواصلة مشروعها النووي، ولكنها بالمقابل لم تفعل شيئا لإيقافه، بل إنها في الفترة ما بين عامي 1961 و1973 سعت إلى تجاهل الأمر!!
وقد اتهم وزير الدفاع والطيران السعودي الأمير سلطان بن عبد العزيز (اللوبي الصهيوني) بأنه وراء تلك الأكاذيب التي روجتها صحيفة الجارديان البريطانية ضد السعودية.
كما نفى وكيل وزارة الخارجية السعودية الأمير تركي بن سعود الكبير إجراء أي اتصالات بين بلاده والوكالة الدولية للطاقة حول هذا الأمر.
وتساءل عن سبب التركيز على دول منطقة الشرق الأوسط بشأن مزاعم امتلاكها أسلحة نووية وإغفال إسرائيل تماما مع أنها دولة ثبت بما لا يدع مجالا للشك أنها تمتلك من 150 إلى 200 رأس نووي، وأن لديها مفاعلا نوويا في ديمونة في النقب!
حملة شعواء
واللافت للانتباه أن الحملة الأخيرة على السعودية واتهامها بالسعي لامتلاك السلاح النووي بدأت في يونيه 2003 بمجرد أن تسربت أنباء عن قيام الدول العربية بتبني (مشروع قرار) يدعو الكيان الصهيوني لتوقيع معاهدة منع الانتشار النووي.
ويسمح للأمم المتحدة بتفتيش برنامجها النووي في المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا الذي عقد في سبتمبر 2003،حيث دشن الحملة الباحث الأمريكي اليهودي (مايكل أي. ليفي) بمقال نشره مركز الدراسات الإستراتيجية الأمريكي نقلا عن دورية (NEW REPUBLIC ) أو (الجمهورية الجديدة) عدد 2 يونيو 2003 تحت عنوان خبيث يقول: (هل يمتلك السعوديون الأسلحة النووية؟). ثم توالت الحملة ليس فقط على السعودية، ولكن بشكل أشد على إيران، منتهزة الخلاف الحالي بين إيران ووكالة الطاقة النووية والمهلة التي حددتها الوكالة لإيران في 13 أكتوبر 2003 لتقديم إيضاحات وقبول التفتيش الكامل، حتى وصل الأمر للحديث عن ضربات وقائية إسرائيلية للمفاعلات النووية الإيرانية ومنع ذلك كما سبق أن حدث مع العراق، وتهديد إيران بالمقابل برد موجع إذا تعرضت منشآتها النووية لهجوم.
|