Wednesday 5th May,200411542العددالاربعاء 16 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أنت أنت
من مجالات التغيير .. أن يكون لكل منشأة حكومية أو خاصة خطة عمل مكتوبة
م. عبدالمحسن بن عبدالله الماضي

يتفق المهتمون بالوصف الإنساني والحراك الاجتماعي على أن الشعوب أو المجتمعات الخارجة حديثاً من (الأمية القرائية) هي مجتمعات تعتمد على المشافهة في تعاطيها مع المعرفة.. أي أن الكتابة لم تكن السجل لذكرة تلك الشعوب والمجتمعات.. إنما حكايات المجالس والعجائز والشيبان هي ما دون في ذاكرة تلك الشعوب تاريخها ونتائج تجربتها الإنسانية ومعرفتها لنفسها وذاتها.
المشكلة أن المشافهة تقود للانتقالية.. وهذا يعود في معظمه إلى أن الراوي يسترجعها من الذاكرة.. وأحياناً يعود سبب الانتقائية إلى أسلوب وبيئة تلقي الفرد للحكاية.. وغرائز الخير والشرفية.
ونحن كمجتمع يجب أن نقر أننا خارجون حديثاً من الأمية القرائية.. وبالتالي يفترض أنه يمكننا رؤية حالناً تماماً كما الوصف الخاص بتلك المجتمعات... وإننا فعلاً مجتمع مشافهة.. بكل ما تعنيه من انتقائية وإقصائية وانحياز.
ولو نظرنا لحال معظم (ولا أقول كل) المؤسسات الحكومية والخاصة نجد أنه ليس لديها دليل إجراءات .. فالإجراءات العملية لكل إدارة أو جهة حكومية أو خاصة.. هي وصفية غير مكتوبة كدليل إجراءات وخطوات عمل مقننة.. وما حدد تلك الإجراءات المتفق عليها في الإدارة هو توارثها من السابقين.. فلا يوجد من يقول بها.. كما لا يوجد من ينهي عنها.. فاستمرت.
وإذا علمنا بأن الأطر والخطوط العريضة التي انطلق منها وصف إجراءات العمل الحكومية كتب معظمها في زمن الطفرة والوفرة والنمو الانفجاري الذي حصل لنا ولبلادنا في النصف الثاني من السبعينات الميلادية.. حينما كان سعر برميل البترول بأربعين دولاراً ونبيع منه عشرة ملايين برميل يومياً.. واستمرت تلك الإجراءات في النصف الثاني من الثمانينات التي وصل سعر البترول فيها إلى خمسة دولارات.. ولا نكاد نبيع منه خمسة ملايين.. والآن ونحن في زمن ما بعد11 سبتمبر .. مازالت تلك الأوضاف الإجرائية هي السائدة في معظم الإدارات الحكومية.
أين المشكلة ولماذا ليس للكثير من مؤسسات وإدارات الوطن الحكومية أدلة إجرائية؟.. هل هو المدير الذي تأخذه دوامة العمل اليومي برحاها التي هي في معظمها استجابة لأحداث أو مستجدات أو روتين عمل يومي.. ونسي بأنه مطالباً بتحقيق وإنجاز خطة موضوعة لها أهدافها وغاياتها.. ووسائل التحقيق من نجاحها!.. أم أن المدير ليس لديه بند في الميزانية يمكنه من تكليف جهة متخصصة بكتابة الدليل بالشكل المهني الحديث؟
نحن مطالبون جميعاً - سواء كنا قطاعاً حكومياً أو قطاعاً خاصاً- أن نسير وأن نتعامل مع حياتنا وفق أنظمة القياس للمسير.. فالفاشلون فقط هم من يقضون حياتهم في إطفاء النيران.. وكلنا نرغب أن نرى بلادنا تسير وتتقدم وفق خطة لها أهدافها وغاياتها.. ووسائل قياس تتحدد وفق جدول زمني تحقق أو عدم تحقق الأهداف..وقياس السرعة في زمن لم يعد الكبير يغلب الصغير.. بل السريع يغلب البطيء.
المجتمع هو محصلة المجاميع التي تلتقي مهنياً وفكرياً ومعيشياً.. وتكامل مجاميع المجتمع ونموها وارتفاع مستواها هو المحصلة النهائية لصحة المجتمع ورفاهيته.. فالمجتمع الصحيح لا تعيش فيه أورام الإرهاب.. ولا عاهات البطالة.. ولا معوقات الحياة من بيروقراطية وسوء إدارة.
ولو أخذنا مثالاً على ما تعنيه أهمية مجامعي المجتمع انظروا إلى القطاع الصحي وكيف نجح في بناء كوادر طبية في المملكة العربية السعودية نفخر بهم عالمياً.. ولماذا عجز قطاع الإعلام من بناء كوادر إعلامية سعودية كما أعلن ذلك معالي وزير الثقافة والإعلام .. في جلسة مجلس الشورى قبل شهر تقريباً؟.. أين العلة؟... وهل لها حل.. وهل كلف الوزير جهة متخصصة لدراسة العلة والبحث عن حل؟.. وإن كان قد وجد الحل فما هي معوقات الحل؟.. إن كانت أمامه معوقات؟.. حتى يشترك الوطن كله في حلها بدلاً من أن تكون هممه في المجالس.
الآن حروب العالم في معظمها إعلامية.. ونحن في المملكة نواجه باسم الإسلام والمسلمين معركة هائلة.. صحيح أنها بقيادة بلد عظيم واحد.. لكننا نواجه في الحقيقة دول العالم كافة التي لا تدين بديننا.
ربما كان من الجائز ألا يكون لوزارة الثقافة والإعلام خطة ذات أهداف وغايات محددة.. لكن بعد 11 سبتمبر الأمر لا يحتمل ذلك.. ولا يمكن أن تقوم لوزارة الإعلام قائمة دون إعلاميين حقيقيين يكونون كوادر الوزارة.. لا موظفين بيروقراطيين كما وصفهم معالي الوزير.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved