لأننا نعيش الأحداث لا يبدو لنا أن هناك تغيرات جوهرية تجرى في كل مكان من حياتنا في المملكة، نحن في الواقع نواجه معارك شرسة متعددة سوف تنعكس كلها على حياتنا خلال السنوات القليلة القادمة، وهذه المواجهات ليست جديدة وأكثرها مواجهات صغيرة مؤجلة تراكمت وتراصت وتضاغطت حتى أصبحت معارك كبيرة، كنا سنحصل على نتائج أفضل لو أننا عملنا على حل جزيئاتها حين ظهورها بقبول ورضا بالواقع الذي نعيش فيه.
أولى المعارك وأكثرها ظهوراً هي معركتنا مع الإرهاب والقتل فهذه المعركة على غرابتها مازالت تحت السيطرة، في ظني هي الأسهل بين المعارك لأنها معركة ملموسة واضحة الأهداف بالنسبة لنا، فالطرف الثاني الذي فتح النار لا يشكل تهديداً استراتيجياً لأنه لا يحمل أي فكر أو فكر تنظيمي أو حتى أجندة يمكن ان ترتب عمله، فهو يخبط في كل مكان بتوجه ثيوقراطي لا علاقة له بالدنيا التي نعيشها، سينتهي بمجرد انتهاء الطاقة التي تغذيه.
المعركة الثانية وهي المعركة الإعلامية، في ظل غياب مشاركة سعودية في انتاج الإعلام والتأثير فيه داخلياً وخارجياً ظهرت علينا قنوات كثيرة من أجل الربح أو غيره أخذت تصب علينا برامج وأفلاماً ومفاهيم سوف تغير من نمط حياتنا المحافظة والبسيطة دون تدخل منا أو مساهمة، وفي هذه المعركة سندفع ثمن تهميش المواطن السعودي وإقصائه عن العمل الإعلامي الاحترافي وحرمانه من المشاركة في انتاج الفكر الإنساني وتجميد الإبداع.
أما المعركة التي كتب الله للدكتور غازي القصيبي ان يكون أساسياً فيها فهي معركة السعودة، فهذه القضية متواصلة منذ سنوات تدور رحاها على صفحات الجرائد، وهي القضية الوحيدة التي زاحمت قضية غلاء المهور الدنكوشتية التي شغلت الرأي العام سنوات كثيرة، ولكنها تختلف عنها لأن لها وجهين وجه يمكن توظيفه لتغذية أهداف ثيوقراطية كما كانت معركة غلاء المهور ووجه آخر مادي يمس حياة الناس بشكل مباشر وخطير، ولم تنفجر هذه المعركة إلا بعد أن سقط التوجه الثوقراطي الذي كانت وقوداً فيه، فأخذت تطل برأسها الحقيقي وتشكل تحدياً خطيراً للمجتمع ككل.
هذه المعارك ومعارك أخرى فرضت علينا لأننا أنقياء طيبون أبرياء أوقعنا الله في كوكب واحد اسمه الأرض مع عالم شرير لا يكف عن التربص بنا للنيل منا، ولكن هناك أسباباً أخرى فرضت علينا خوض كل هذه المعارك تستحق منا مناقشتها على هامش مناقشة السبب الرئيسي المذكور أعلاه. من هذه الأسباب الهامشية:
الحراك، الانتقال من مرحلة إلى أخرى فالحركة صحيح بركة كما يقول المثل ولكنها تنطوي على آلام ودموع وإخفاقات ونصر في النهاية لمن يصمد ويواصل الحرب حتى نهايتها، والذي يقرأ هذه المعارك أو القضايا سيلاحظ أنها قضايا متداخلة لا يمكن أن تحل واحدة دون أن تحل الأخرى، كلها في النهاية ثمرة الانغلاق وتسلط الفكر الأحادي.
فاكس: 4702164
|