جمعيات تحفيظ القرآن الكريم والمسابقات القرآنية، من الدلائل الواضحة لعناية المملكة بالقرآن الكريم، و هي عناية قلما توجد في أي من الدول الإسلامية، لأنها ترتبط بخصوصية هذا البلد المبارك الذي أنعم الله عليه باحتضان الحرمين الشريفين، وجعله مهبط الوحي، والأرض التي انطلقت منها دعوة الإسلام للعالم بأسره، كما ترتبط بنظام الحكم الذي يطبق الشريعة الإسلامية في كل مناحي الحياة.
والقرآن الكريم هو المصدر الأول للشريعة، وقد أثمرت هذه العناية المباركة بكتاب الله العزيز ثمارها الطيبة من حفظة القرآن الكريم الذين ينتشرون في القرى والهجر، يعلمون الصغار كتاب الله، ويلقون الخطب، ويؤمون المصلين في الجوامع والمساجد، ويدعون إلى الله على هدى وبصيرة.. بالإضافة إلى عشرات بل مئات الأطباء والمهندسين والمحاسبين والعلماء والمفكرين الحافظين لكتاب الله، وتفوقوا في العلوم الحديثة، بعدما تفوقوا في حفظ القرآن الكريم.
هذه الثمار الطيبة، تحتم علينا جميعاً العمل للتعريف بجهود العناية بالقرآن الكريم، وتتحمل وسائل الإعلام على اختلافها وتنوعها مسؤولية جسيمة في هذا العصر، للتعريف بهذه الجهود، ولا سيما الجمعيات الخيرية للتحفيظ، والمسابقات القرآنية، وغيرها من المناشط ذات العلاقة بالقرآن الكريم.
فعلى الرغم من الجهود الإعلامية التي تبذلها الجهات المنظمة للمسابقات القرآنية، والجهود الحثيثة لجمعيات التحفيظ، فإنها لا ترقى إلى ما هو منشود في هذا العصر، الذي يعد الإعلام من أخطر وسائله وأدواته في إلقاء الضوء على عمل ما، وحث الناس على المشاركة فيه أو دعمه، والتعريف بقنوات هذا الدعم وطرق الاشتراك في المسابقات.
وقد عبر عدد من المتسابقين والمتسابقات في عدد من المسابقات القرآنية أن عدم معرفتهم بشروط هذه المسابقات، وتوقيت وأماكن انعقادها، حال دون اشتراكهم فيها في سنوات سابقة، وتتضاعف مسؤولية وسائل الإعلام في التعريف بجهود العناية بالقرآن الكريم، في هذا الوقت بالذات في ظل ما تتعرض له جمعيات التحفيظ من حملات عدائية تستهدف التنفير منها، والتشكيك فيها من خلال اتهام باطل بأنها ترسخ العنف والتطرف، وهي حملات خبيثة لعزل الأمة عن مصدر قوتها وعزتها وهو القرآن الكريم، فهل تقوم وسائل الإعلام بهذا الدور دفاعا عن القرآن الكريم، وحفظته، وتعريفا بوسائل الإعانة على حفظه وتحفيظه، وتفنيد دعاوى تعارض الحفظ مع التحصيل العلمي للطلاب، نأمل ذلك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الدال على الخير كفاعله).. والله من وراء القصد.
|