طرق الباب، فتحتِ الابنةُ، كانت خالتها تود إبلاغها بأمر ضروري، استمر حديثهما لبضع دقائق ثم انصرفت الخالة وأغلقت الابنة الباب دونها.. أثناء إغلاقها له فاجأها أخوها بسؤال غاضب:
مَنْ بالباب؟؟.. أجابت: خالتي .. فقال: وأين هي لِمَ لَمْ تدخل؟؟ .. ردت: كانت على عجلة من أمرها.
ساورته الشكوك ضد أخته.. تقدم نحو الباب.. (بعنف) دفع أخته ثم فتح الباب وخرج، تلفت يمنة ويسرة فلم يرَ أحداً، سار باتجاه اليسار، التفت يميناً، شاهد امرأة بعباءة سوداء تسير، تمكن منه الشك، لحق بالمرأة والشيطان يراوده بأن من ترتدي العباءة رجل لا امرأة.. لحق به أو بها، وضع يده على كتفها.. بقوة أدارها جهته فكانت خالته كما أخبرت بذلك أخته واسقط في يده.
حكتِ الابنة لوالدتها سوء تصرف أخيها.. فأيدته ضدها وشعرت الأم بأن ابنها أصبح رجلاً يعتمد عليه، فقد حانت فرصة فرض سطوته على أخته وبدأت الأم تؤسس لعنف أسري يمارسه أخ ضد أخته دون أدنى حق له.. عنف أسري قائم على شكوك وظنون لا أساس لها ولا دليل.. فمن حق الابن أن يفرض رأيه عليها، ويمنعها من لبس هذا الزي الدخيل (في رأيه) على عادات وتقاليد مجتمعه وأسرته، في حين يرتدي بنطال الجينز الممزق (مواكباً الموضة) و(الكت) الكاشف لذراعيه النحيلتين عن شعر تتقزز منه الأنفس.
ربما الأب على قيد الحياة، ويمتاز بدرجة من الوعي بيد أن دوره مغيب في وجود الأخ الأكبر أو الأصغر - لا فرق- يشتم، يسب، يقذف، يضرب، يحطم، يكسر وابتسامة تعلو شفتي الأم، فقد أصبح ابنها رجلاً يعتمد عليه.. يقف دون قضاء أخته للمشوار الفلاني، ودون تلبيتها لدعوة صديقتها بمناسبة نجاحها، ودون ارتدائها لهذا (الشورت) وذاك البنطال وإن لم تنصع لأوامره فالضرب ينتظرها بتلذذ وسلطة، وبرضا من الوالدين أو من الأم وحدها.
تعتقد تلك الأم انه أتى من يخفف عنها حمل مسؤولية البنات، وما درت أنها تؤسس لعنف في كيان أخ، غداً سيصح زوجاً يمارس العنف ضد زوجته وبناته لتجد المرأة نفسها أمام رجل ألجم لسانها دون الدفاع عن حقها المسلوب، ودون المطالبة بالانتصار لها في وجه البغي والعدوان، ورفض تسلط الرجل وتجنيه في غير محله ومأساة (رانيا الباز) مثال حي للتسلط غير المؤسس التأسيس الحقيقي.. حيث ذهبت ضحية عنف أسري سكت عنه في البداية فاستطال وتمدد والتف التفافاً متقناً أدى إلى وقوع تلك المأساة الدامية والكسور المتعددة.
الوقوف في وجه بدايات العنف أفضل طريقة لاجتثاثه قبل أن يستفحل ويسيطر من جهاته الأربع. العنف ضد الأخت، وضد الابنة، وضد الزوجة، وضد الأم كذلك إذا انتبه له بمجرد ظهوره على السطح وأعيد من حيث أتى.. ما كان ليحدث ما حدث لكثير من النساء (رانيا الباز) إحداهن.
وكما أن العنف يمارس من رجل ضد امرأة، فإنه كذلك يمارس من امرأة ضد رجل.. والأنكى حينما يقع ضد طفل.. كالعنف الذي ارتكبته أم ضد طفلها الرضيع البالغ من العمر 6 أشهر اعتماداً على ما أوردته صحيفة المدينة يوم الأربعاء 9- ربيع الأول- 1425هـ حينما ظلت الأم لأكثر من نصف ساعة تشعل أعواد الثقاب ثم تضعها على جسد الطفل الرضيع، ولم يحتمل شقيقه بالصف الأول المتوسط ما كانت تفعله والدته بأخيه فاستنجد برجال الأمن، وعندما أرادوا إنقاذ الطفل من بين يديها قاومتهم وهددت بقتل الرضيع.. وفي النهاية تمكن رجال الامن من إنقاذه من بين يديها.
لا شك أن الأم مريضة مرضاً نفسياً مستفحلاً.. وأرى بأن كل من يمارس العنف ضد فرد من أفراد عائلته أو ضد غيرهم بأنه مريض نفسي يستدعي عرضه وعلى وجه السرعة على طبيب نفساني، مازلنا نخجل من الاعتراف بأهمية دوره في علاجنا، وحاجتنا له بمستوى حاجتنا لطبيب باطني، أو طبيب أسنان أو عظام.
أيضاً أرى أهمية منح قضية (العنف الأسري) مساحة رحبة في الحوار الوطني، وفي أوراق عمل (جمعية حقوق الإنسان) وأن تكون هناك أبواب مشرعة، وصدور متسعة لسماع شكوى من يقع عليهن العنف الأسري -في جو من السرية- من بنات وأخوات وزوجات وأمهات، بجانب الضرب بيد من حديد على من يوقع عليهن ذلك العنف، إذما علمنا أن أروقة المحاكم ضاقت بملفات القضايا والشكاوى مما صعب البت في البعض منها أو أكثر لتفاقم العلة، وتعقد العديد منه وتشعبها.. وفي (جمعية حقوق الإنسان) تعلق آمال عراض، وأمانٍ مستقبلية للحيلولة دون تمادي الرجل الأب أو الزوج أو الأخ وبعض النساء في تلذذ بعضهم حين معاناة من ولوا أمرهن وأمرهم.
المرأة بحاجة لمن تلجأ إليه (بعد الله) عند وقوع عنف قولي أو فعلي عليها في بدايته وأن يوعّى موقع العنف إلى أن هؤلاء النساء قوارير صانهن الإسلام وحفظ لهن حقوقهن وكرمهن وحرّص عليهن وعلى تربيتهن وتنشئتهن التنشئة الإسلامية الحقة، وأنهن خلقن من ضلع أعوج إن حاولت تقويمه انكسر... فمن يرضى بالعيش تحت سقف منزل تشاركه فيه امرأة منكسرة؟؟!!
من يرضى بذلك فهو مريض المصحة النفسية أولى به!!!.
ص.ب 10919- الدمام 31443
|