عام كامل مر على الاحتلال الأمريكي للعراق، ومعه انكشف زيف الشعارات التي رفعتها أمريكا لغزو العراق، بل إنه فضح كل ممارسات المستعمر المستبد ونواياه وأهدافه.
تتطاير الأنباء في كل يوم وهي تحمل معها قصصاً وحكايات عن تعامل المستعمر مع العراقيين بكل طبقاتهم وأوضاعهم وفئاتهم هي في مجملها تدور في إطار الحقد والرغبة في الإذلال للعراقيين، ولعل آخر صور المهانة التي تلحق بالعراقي ما كشفته شبكة سي.بي.اس التلفزيونية عن صور وحشية لا أخلاقية لتعذيب عسكريين أمريكيين لسجناء عراقيين وإذلالهم بإجبارهم على ممارسات لا أخلاقية دنيئة, وكذلك تعذيب سجناء آخرين عُلِقوا بأسلاك كهربائية واستخدم في تعذيبهم معدات مختلفة.
ومن الطبيعي أن يأتي التبرير الأمريكي مغلفاً بمثاليات وأخلاقيات يدعيها. فصورة المحتل لابد أن تظل براقة زاهية، تعلو على كل حدث وتصرف، فالموقف استثنائي ولا يعكس مبادئ الأمريكيين وقوات الاحتلال، وبوش يعلن اشمئزازه ويأمر بالتحقيق مع الجنود الذين ارتكبوا تلك الإساءات ويؤكد أنه لن يتساهل في اتخاذ إجراء ما ضدهم.
وفي السياق نفسه يعلن توني بلير عن صدمته، غير أن تلك الصدمة تتراجع عندما يطلب من وسائل الإعلام عدم إبراز مثل هذا الحادث والتعليق عليه بعد أن دانته الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.
إدانة الحدث كافية في نظر الغرب في تعامله مع أي قضية تتعلق بالعرب، وفي المقابل نجد المواقف القوية الواضحة في أي قضية تخص الغرب خاصة إذا ما كان العرب طرفاً فيها.
إن هذه الحادثة والموقف الأمريكي الرسمي منه، وتعامل وسائل الإعلام الأمريكية معها التي حاولت التقليل من شأنها تبريرات غير مقبولة فضحت سياسة المستعمر ووضحت شيئاً من سيناريو الخديعة التي يسوقها للعالم كل يوم في تبرير وجوده في العراق، ولعل موقف الناطقة باسم منظمة العفو الدولية التي أعلنت بأن حادثة السجناء العراقيين لم تفاجئها يدين مؤامرة الاحتلال فقد أوضحت في تعليقها على الحادثة أن منظمة العفو الدولية جمعت العديد من شهادات العراقيين الذين تحدثوا عن ممارسة التعذيب في سجون العراق، وأن منظمة العفو ولأكثر من سنة وهي تحث سلطات التحالف على التحرك والقيام بتحقيق مدني مكتمل ومحايد لكن ذلك لم ينفذ، ومما يؤكد جرم قوات الاحتلال وعدم الاهتمام الذي اولاه الموقف الأمريكي الرسمي من هذه الحادثة ما أوضحته أيضاً الناطقة باسم منظمة العفو الدولية أن تحقيق الجيش الأمريكي بالموضوع غير كافٍ في مثل هذه الحالات الخطيرة.
والمثير للاشمئزاز - وهو ليس كاشمئزاز بوش - ما يحاول عملاء أمريكا في العراق وفي الإعلام العربي من التقليل من الحادث باعتبار أن هذه الحادثة لا تعكس قيم قوات التحالف ولا تتلاءم معها، وإعلامياً الحديث عنها بشكل عابر وفي ثنايا الأخبار، واعتبارها من ممارسات النظام السابق لصدام حسين التي كان من المفترض ألا تكون.
ما يحدث في العراق مؤلم وموجع لكن ليس لنا سوى المشاهدة والتعليق، فنحن في زمن القهر والذل العربي.
|